وقهروا أهلها بقوتهم التي أعطاها الله إياهم وكانت لهم أصنام يعبدونها صداء وصمود والهباء فبعث الله إليهم هودا نبيا من أوسطهم فى النسب وأفضلهم فى الحسب فامرهم ان يوحدوا الله ولا يعبدوا غيره وان يكفروا عن ظلم الناس فابوا عليه وكذبوه وقالوا من أشد منا قوة وازدادوا عتوا وتجبرا فامسك الله عنهم القطر ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك وكان الناس إذا نزل بهم بلاء وجهد مضوا الى البيت الحرام بمكة مسلمهم وكافرهم وسألوا الله الفرج وكان اهل مكة يومئذ العماليق أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وكان رئيس العماليق يومئذ بمكة رجلا يقال له معاوية بن بكر وكانت امه من عاد فلما قحط المطر من عاد وجهدوا قالوا جهزوا منكم وفدا الى مكة يستسقوا فجهزوا قيل بن عتر ومرثد بن سعد فى سبعين رجلا
فلما قدموا مكة نزلوا على معاوية بن بكر وهو فى خارج مكة فانزلهم وأكرمهم وكانوا أخواله واصهاره فاقاموا عنده شهرا يشربون الخمر وتغنيهم الجرادتان وهما قينتان لمعاوية اسم إحداهما وردة واسم الاخرى جرادة فغلبت جرادة على وردة فسميتا جرادتين فلما رأى معاوية طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون من البلاء الذي أصابهم شق ذلك عليه وقال قد هلك أخوالي واصهارى جهدا وعطشا وهؤلاء مقيمون عندى والله ما أدرى كيف اصنع بهم استحيى ان آمرهم بالخروج الى حاجتهم فيظنون ان ذلك لثقل مقامهم على فشكا ذلك الى قينتيه الجرادتين فقالتا قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله لعل ذلك يخرجهم فقال معاوية
الا يا قيل ويحك قم فهينم | لعل الله يسقينا غماما |
فيسقى ارض عاد ان عادا | قد أمسوا ما يبينون الكلاما |
من العطش الشديد فليس ترجو | به الشيخ الكبير ولا الغلاما |
وقد كانت نساؤهمو بخير | فقد امست نساؤهمو أيامي |
وان الوحش تأتيهم جهنارا | فلا تخشى لعادى سهاما |
وأنتم هاهنا فيما اشتهيتم | نهاركمو وليلكمو التماما |
فقبح وفدكم من وفد قوم | ولا لقوا التحية والسلاما |