تَوَلَّاهُ اتخذه وليا وتبعه فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ بالفتح على انه خبر مبتدأ محذوف اى فشأن الشيطان ان يضل من تولاه عن طريق الحق وَيَهْدِيهِ يدله إِلى عَذابِ السَّعِيرِ بحمله على مباشرة ما يؤدى اليه من السيئات واضافة العذاب الى السعير وهى النار الشديدة الاشتعال بيانية كشجر الأراك وعن الحسن انه اسم من اسماء جهنم قال فى التأويلات النجمية اما الشيطان الجنى فيضله بالوساوس والتسويلات وإلقاء الشبه واما الشيطان الانسى فبايقاعه فى مذاهب اهل الأهواء والبدع والفلاسفة والزنادقة المنكرين للبعث والمستدلين بالبراهين المعقولة بالعقول المشوبة بشوائب الوهم والخيال وظلمة الطبيعة فيستدل بشبههم ويتمسك بعقائدهم حتى يصير من جملتهم ويعد فى زمرتهم كما قال تعالى (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) ويهديه بهذه الاستدلالات والشبهات الى عذاب السعير سعير القطيعة والحرمان انتهى واعلم ان الكمال الآدمي فى العلوم الحقيقية وهى اربعة. الاول معرفة النفس وما يتعلق بها. والثاني معرفة الله تعالى وما يتعلق به. والثالث معرفة الدنيا وما يتعلق بها. والرابع معرفة الآخرة وما يتعلق بها واهل التقليد دون اهل الاستدلال وهم دون اهل الإيقان وهم دون اهل العيان ولا بد للسالك ان يجتهد فى الوصول الى مرتبة العيان وذلك بتسليك مرشد كامل فان الاتباع بغيره لا يوصل الى المنزل: قال المولى الجامى
خواهى بصوب كعبه تحقيق ره برى | پى بر پى مقلد كم كرده ره مرو |
وعند الوصول الى مرتبة العيان يلزم غسل الكتب فانه لا يحتاج الى الدليل بعد الوصول الى المدلول: وفى المثنوى
چون شدى بر بامهاى آسمان | سرد باشد جست وجوى نردبان «١» |
آينه روشن كه شد صاف وجلى | جهل باشد بر نهادن صيقلى |
پيش سلطان خوش نشسته در قبول | زشت باشد جستن نامه ورسول |
وعند هذا المقام ينقطع الجدل من الأنام إذ لا جدال بعد العلم الحقيقي ولا اتباع للشيطان الأسود والأبيض بعد حط الرحل فى عالم الذات الذي لا يدخله الشيطان وهو مقام آمن من شر الوسواس الخناس فعلى العاقل الاجتهاد فى الليل والنهار لتزكية النفس وقمع الإنكار فانه جهاد اكبر إذا النفس من الأعداء الباطنة التي يستصعب الاحتراز عنها
نفس از درون وديو ز بيرون زند رهم | از مكر اين دور هزن پر حيله چون كنم |
نسأل الله سبحانه ان يحفظنا من شر الأعداء ويجعلنا تابعين للحق الصريح الذي لا محيد عنه انه أعظم ما يرجى منه يا أَيُّهَا النَّاسُ يا اهل مكة المنكرين للبعث إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ البعث الإخراج من الأرض والتسيير الى الموقف وجيئ بان مع كثرة المرتابين لاشتمال المقام على ما يقلع الريب من أصله وتصوير ان المقام لا تصلح الا لمجرد الفرض له كما يفرض المحال ان كنتم فى شك من إمكان الاعادة وكونها مقدورة له تعالى او من وقوعها فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ ليس جزاء للشرط لان خلقهم مقدم على كونهم مرتابين بل هو علة للجزاء المحذوف اى فانظروا الى مبدأ خلقكم ليزول ريبكم اى خلقنا كل