فمن قصدهم بسوء كبه الله لوجهه واذله في ظاهر عزه إِنَّ اللَّهَ تعليل للقهر والغلبة أكده لان أفعالهم مع أوليائه افعال من يظن ضعفه قَوِيٌّ على نصر أنبيائه قال بعضهم القوى هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله ولا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجزى نقض ولا إبرام والقوة في الأصل عبارة عن شدة النبية وصلابتها المضادة للضعف ويراد بها القدرة بالنسبة الى الله تعالى عَزِيزٌ لا يغلب عليه في مراده
حكمى كه آن ز باركه كبريا بود | كس را در ان مجال تصرف كجا بود |
كذلك لبطل التكليف والثواب والعقاب فلهذا المعنى تارة يسلط الله المحنة على أهل الايمان واخرى على اهل الكفر لتكون الشبهات باقية والمكلف يدفعها بواسطة النظر في الدلائل الدالة على صحة الإسلام فيعظم ثوابه عند الله ولان المؤمن قد يقدم على بعض المعاصي فيكون تشدد المحنة عليه في الدنيا تمحيصا لذنوبه وتطهيرا لقلبه واما تشديد المحنة على الكافر فهو من قبيل الغضب ألا ترى ان الطاعون مثلا رحمة للمؤمنين ورجز للكافرين وما من سابق عدل الا له لاحق فضل ولا سابق فضل الا له لاحق عدل غير أن أثرى العدل والفضل قد يتعلقان بالبواطن خاصة وقد يتعلق أحدهما بالظاهر والآخر بالباطن وقد يكون اختلاف تعلقهما في حالة واحدة وقد يكون على البدل وعلى قدر تعلق الأثر السابق يكون تعلق الأثر اللاحق وقد أجرى الله سبحانه آثار عدله على ظواهر أصفيائه دون بواطنهم ثم عقب ذلك بايراد آثار فضله على بواطنهم وظواهرهم حتى صار من قاعدة الحكمة الالهية تفويض مما لك الأرض للمستضعفين فيها كالنجاشى حيث بيع في صغره وذلك كثير موجود باستقراء فمن كمال تربية الحكيم لمن يريد إعلاء شأنهم أن يجرى على ظاهرهم من آثار العدل ما فيه تكميل لهم وتنوير لمداركهم وتطهير لوجودهم وتهذيب وتأديب الى غير ذلك من فوائد التربية ومن تتبع احوال الأكابر من آدم عليه السلام وهلم جرا رأى من احسن بلاء الله ما يشهد لما قرر بالصحة والمبتلى به يصبر على ذلك بل يتلذذ كما هو شأن الكبار
هر چهـ از دست تو آيد خوش بود | كر همه درياى پر آتش بود |