فتوحات الله الجليلة ونعمه العظيمة لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ غاية للفتح من حيث انه مترتب على سعيه عليه السلام فى إعلاء كلمة الله بمكابدة مشاق الحروب واقتحام موارد الخطوب قال بعضهم لما لم يظهر وجه تعليل الفتح بالمغفرة جعل الفتح مجازا مرسلا عن اسباب الفتح ليغفر لك فالفتح معلول مترتب على الافعال المؤدية الى المغفرة وان المغفرة علة حاملة على تلك الافعال فصح جعلها علة لما ترتب على تلك الافعال وهو الفتح وجعل الزمخشري فتح مكة علة للمغفرة وهو أوفق للمذهب الحق لان افعال الله تعالى لا تعلل بالأغراض على مذهبهم فليست اللام على حقيقتها بل هى اما للصيرورة والعاقبة او لتشبيه مدخولها بالعلة الغائية فى ترتبها على متعلقها وايضا ان العلة الغائية لها جهتا علية ومعلولية على ما تقرر فلا لوم على من نظر الى جهة المعلولية كالزمحشرى لظهور صحته كما فى حواشى سعدى المفتى والالتفات الى اسم الذات المستتبع لجميع الصفات للاشعار بأن كل واحد مما انتظم فى سلك الغاية من أفعاله تعالى صادر عنه تعالى من حيثية غير حيثية الآخر مترتبه على صفة من صفاته تعالى قال ابن الشيخ فى اظهار فاعل قوله ليغفر لك وينصرك اشعار بأن كل واحد من المغفرة والنصرة متفرع على الالوهية وكونه معبودا بالحق والمغفرة ستر الذنوب ومحوها قال بعض الكبار المغفرة أشد عند العارفين من العقوبة لان العقوبة جزاء فتكون الراحة عقيب الاستيفاء فهو بمنزلة من استوفى حقه والغفران ليس كذلك فانك تعرف ان الحق عليك متوجه وانه أنعم عليك بترك المطالبة فلا تزال خجلا ذا حياء ولهذا إذا غفر الله تعالى للعبد ذنبه أحال بينه وبين تذكره وأنساه إياه وانه لو تذكره لا ستحيى ولا عذاب على النفوس أعظم من الحياء حتى يود صاحب الحياء انه لم يكن شيأ كما قالت مريم الكاملة يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا هذا حياء من المخلوقين فكيف بالحياء من الله تعالى فيما فعل العبد من المخالفات ومن هذا الباب ما حكى ان الفضيل قدس سره وقف فى بعض حجاته ولم ينطق بشيء فلما غربت الشمس قال وا سوأتاه وان عفوت (قال الصائب) هرگز نداد شرم مرا رخصت نكاه. در هجر ووصل روى بديوار داشتم ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ اى جميع ما فرط منك من ترك الاولى وتسميته ذنبا بالنظر الى منصبه الجليل لان حسنات الأبرار سيئات المقربين على ما قاله ابو سعيد الخراز قدس سره (وفى المثنوى) آنكه عين لطف باشد بر عوام قهر شد بر عشق كيشان كرام قال بعضهم اى جميع ما صدر منك قبل النبوة وبعدها مما يطلق عليه الذنب قال فى شرح المواقف حمله على ما تقدم على النبوة وما تأخر عنها لا دلالة للفظ عليه إذ يجوز ان أن يصدر عنه قبل النبوة صغيرتان إحداهما متقدمة على الاخرى انتهى وفيه انه يصح أن يطلق على كل من الصغيرتين انهما قبل النبوة قان التقدم والتأخر إضافي وهو اللائح قال اهل الكلام ان الأنبياء معصومون من الكفر قبل الوحى وبعده بإجماع العلماء ومن سائر الكبائر عمدا بعد الوحى واما سهوا فجوزه الأكثرون واما الصغائر فتجوز عمدا عند الجمهور وسهوا بالاتفاق واما قبل الوحى فلا دليل بحسب السمع او العقل على امتناع صدور الكبيرة وقال عطاء الخراسانى ما تقدم من ذنبك اى ذنب أبويك آدم وحواء ببركتك روى ان آدم لما اعترف