والمعنى جميعا، فإن العموم من عوارض المعاني أيضا حقيقة، كقولهم: عمّ المطر والخصب، وكذلك المعنى الكلي كالإنسان لشموله الجزئيات التي تحته. وقولنا «على مسميات» ليخرج المسمى وليدخل في العام المعدوم والمستحيل، إذ لو قلنا «على أشياء» لخرجا بناء على أنهما ليسا بشيء: وقولنا «باعتبار أمرا اشتركت تلك المسميات فيه» ليخرج نحو عشرة وغيرها من أسماء العدد النكرات، فإنها وإن دلّت على مسميات هي آحادها لكن لا باعتبار أمر اشتركت هي فيه بل باعتبار وضع اسم العدد للمجموع. وكذا الكلام في كل ذي أجزاء حسية أو عقلية. وقولنا «مطلقا» ليخرج الرجال المعهودون فإنها بقرينة العهد، و «ضربة» احتراز من نحو رجل فإنه وإن دلّ على مسميات باعتبار كون كل منها ذكرا من بني آدم مطلقا، لكن لا دفعة بل على سبيل البدل. ولهذا يخرج نحو رجال.
إذا تأملت فهذا حدّ العام والخاص بخلافه، وهو ما دلّ لا على مسميات إلى آخره.
فمن صيغ العموم أسماء الشرط والاستفهام مثل «من وما»، والموصلات نحو «الذي والتي»، والجموع المعرّفة تعريف جنس ك «الرجال والمسلمات» والجموع المضافة نحو «عبيدي أحرار»، واسم الجنس المضاف أو المعرف تعريف الجنس مثل «غلامي والغلام»، والنكرة في سياق النفي نحو ما في الدار أحد. والتخصيص قصر العام على بعض مسمياته.
وقد يطلق التخصيص أيضا على قصر اللفظ على بعض ما يتناوله وإن لم يكن ذلك اللفظ عاما. كما يطلق عليه أيضا أنه عام لتعدّده وتكثره وإن لم يكن من صيغ العموم كعشرة والمسلمين للمعهودين، وكضمائر الجمع. ولا يستقيم تخصيص إلا فيما يستقيم توكيده بكل لكونه ذا أجزاء يصح افتراقها حسّا أو حكما، إلا النكرة مثل قوله تعالى تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ [البقرة: ١٩٦] ونحو: جاءني رجال كرماء.
والمخصّص أحد أربعة أشياء: الأول الاستثناء ب «إلّا» ونحوها. والثاني الشرط، وهو ما يتوقّف تأثير المؤثر عليه لا وجوده كالإحصان، فإنه يتوقف عليه اقتضاؤه الرجم لا وجود الزنا. والثالث الصفة، مثل فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء: ٩٢] والرابع الغاية نحو أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة: ١٨٧] هذا هو التخصيص بالمتصل. وقد يخص بالمنفصل وذلك إما العقل كقوله تعالى اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [الرعد: ١٦ والزمر: ٦٢] وإما الحس نحو: أوتيت من كل شيء. وإما الدليل السمعي كقوله تعالى وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة: ٢٢٨] خصصته الآية الأخرى وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق: ٤] ويُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ [النساء: ١١] خصصه
قوله صلى الله عليه وسلم: «القاتل لا يرث».


الصفحة التالية
Icon