المقدمة الحادية عشرة في كيفية استنباط المسائل الكثيرة من الألفاظ القليلة
إذا شرعنا مثلا في تفسير قول القائل «أعوذ بالله من الشيطان الرجيم» فههنا مباحث لفظية ومباحث معنوية.
أما اللفظية فمنها ما يتعلق بالقراءة، ومنها ما يتعلق باللغة، ومنها ما يتعلق بعلم الاشتقاق، ومنها ما يتعلق بعلم الصرف، ومنها ما يتعلق بالنحو، ومنها ما يتعلق بعلم البديع أعني المحسنات اللفظية.
وأما المعنوية فمنها ما يتعلق بالمعاني، ومنها ما يتعلق بالبيان، ومنها ما يتعلق بالاستدلال، ومنها ما يتعلق بأصول الدين، ومنها ما يتعلق بأصول الفقه، ومنها ما يتعلق بالفقه، ومنها ما يتعلق بعلم الأحوال.
أما القراءة فكما مر. وأما اللغة فإذا قلنا العوذ كذا، واسم الله معناه كذا والشيطان كذا، والرجيم كذا، والباء ومن واللام معانيها هاهنا كذا، فكل واحد منها مسألة. وأما الاشتقاق فإن اعتبرنا الاشتقاق الكبير وقلنا: إن التراكيب الستة الممكنة من ع وذ هل هي مستعملة أو مهملة؟ وكذا كل من تراكيب ال ش ط ن، أو ش ي ط، ومن تراكيب ر ج م، وإذا كانت مستعملة، فأصل المعنى في كل من المستعملات كيف يعتبر فيحصل مسائل كثيرة، وإن اعتبرنا الاشتقاق الصغير فهل للعوذ معنى آخر غير الالتجاء وإن كان فما له الاشتراك بينهما أي شيء هو؟ فيحصل مسائل.
وأما الصرف فكأن نقول: «أعوذ» فعل مضارع متكلم وأصله أعوذ مثل أطلب، نقلت الضمة من الواو إلى ما قبلها تخفيفا. والله أصله الإله كالناس أصله الإناس فعال بمعنى مفعول، نقلت الكسرة من الهمزة إلى اللام وحذفت الهمزة للتخفيف فاجتمعت لامان فأسكنت الأولى وأدغمت في الثانية. وقالوا: يا الله، في النداء خاصة بالقطع لأنها كالعوض من المحذوفة، فكأنك قلت: يا إله. وقيل: أصله لاه، ألحقوا بها الألف واللام وأنشدوا: