الفن وفي سائر الفنون، لا كمن هو بابنه وبشعره مفتون. كيف وقد قال عز من قائل وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء: ٨٥]، وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا [النساء: ١٢٢] وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا [النساء: ٤٥] وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا [النساء: ٨١، ١٣٢، ١٧١ والأحزب ٣، ٤٨] ولما كان التفسير الكبير المنسوب إلى الإمام الأفضل والهمام الأمثل، الحبر النحرير والبحر الغزير، الجامع بين المعقول والمنقول الفائز بالفروع والأصول، أفضل المتأخرين فخر الملة والحق والدين محمد بن عمر بن الحسين الخطيب الرازي تغمده الله برضوانه وأسكنه بحبوحة جنانه، اسمه مطابق لمسماه وفيه من اللطائف والبحوث ما لا يحصى، ومن الزوائد والغثوث ما لا يخفى، فإنه قد بذل مجهوده ونثل موجوده حتى عسر كتبه على الطالبين وأعوز تحصيله على الراغبين، فحاذيت سياق مرامه، وأوردت حاصل كلامه، وقربت مسالك أقدامه، والتقطت عقود نظامه، من غير إخلال بشيء من الفرائد أو إهمال لما يعدّ من اللطائف والفوائد، وضممت إليه ما وجدت في الكشاف وفي سائر التفاسير من اللطائف المهمات، أو رزقني الله تعالى من البضاعة المزجاة، وأثبت القراآت المعتبرات والوقوف المعللات، ثم التفسير المشتمل على المباحث اللفظيات والمعنويات، مع إصلاح ما يجب إصلاحه وإتمام ما ينبغي إتمامه من المسائل الموردة في التفسير الكبير والاعتراضات، ومع حل ما يوجد في الكشاف من المواضع المعضلات سوى الأبيات المعقدات، فإن ذلك يوردها من ظن أن تصحيح القراآت وغرائب القرآن إنما يكون بالأمثال والمستشهدات كلا، فإن القرآن حجة على غيره وليس غيره حجة عليه، فلا علينا أن نقتصر في غرائب القرآن على تفسيرها بالألفاظ المشتهرات وعلى إيراد بعض المتجانسات التي تعرف منها أصول الاشتقاقات. وذكرت طرفا من الإشارات المقنعات والتأويلات الممكنات والحكايات المبكيات والمواعظ الرادعة عن المنهيات الباعثة على أداء الواجبات، والتزمت إيراد لفظ القرآن الكريم أوّلا مع ترجمته على وجه بديع وطريق منيع مشتمل على إبراز المقدّرات وإظهار المضمرات وتأويل المتشابهات وتصريح الكنايات وتحقيق المجازات والاستعارات فإن هذا النوع من الترجمة مما تسكب فيه العبرات وترن «١» المترجمون هنا لك إلى العثرات، وقلما يفطن له الناشئ الواقف على متن اللغة العربية فضلا عن