وروى رفاعة بن مالك أن رجلا دخل المسجد وصلى، فلما فرغ من صلاته وذكر الخبر إلى أن قال الرجل: علمني الصلاة يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: إذا توجهت إلى القبلة فكبر واقرأ بفاتحة الكتاب،
وظاهر الأمر للوجوب ولا سيما في معرض التعليم. وأيضا الخلفاء الراشدون واظبوا على قراءتها طول العمر
وقال صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين» «١»
وأيضا المواظبة على قراءة الفاتحة توجب هجران سائر السور وذلك غير جائز إن لم تكن واجبة فثبت أنها واجبة. حجة أبي حنيفة فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: ٢٠] قلنا: الفاتحة هي المتيسرة المحفوظة على جميع الألسنة. ثم قال: إذا قرأ آية واحدة كفت مثل الم أو حم [الدخان: ١] وَالطُّورِ [الطور: ١] ومُدْهامَّتانِ [الرحمن: ٦٤]. أبو يوسف ومحمد: لا بد من قراءة ثلاث آيات أو آية واحدة طويلة مثل آية الدين.
البحث الثاني: قراء المدينة والبصرة والشام وفقهاؤها على أن التسمية ليست بآية من الفاتحة ولا من غيرها من السور، وإنما كتبت للفصل والتبرك وهو مذهب أبي حنيفة ومن تابعه، ولذلك لا يجهر بها عندهم في الصلاة. وقراء مكة والكوفة وفقهاؤهما على أنها آية من كل سورة وعليه الشافعي وأصحابه لما
روي عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: قرأ رسول الله ﷺ فاتحة الكتاب فعد «بسم الله الرحمن الرحيم» آية، «الحمد لله رب العالمين» آية، «الرحمن الرحيم» آية، «مالك يوم الدين» آية، «إياك نعبد وإياك نستعين» آية، «اهدنا الصراط المستقيم» آية «صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين» آية.
وعن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «فاتحة الكتاب سبع آيات أولاهن «بسم الله الرحمن الرحيم» «٢»
وروى الثعلبي في تفسيره بإسناده عن أبي بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ ألا أخبرك بآية لم تنزل على أحد بعد سليمان بن داود غيري؟
فقلت: بلى فقال: بأي شيء تفتتح القرآن إذ افتتحت الصلاة؟ قلت: ببسم الله الرحمن الرحيم. قال: هي هي.
وبإسناده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي ﷺ قال له: كيف تقول إذا قمت إلى الصلاة؟ قال: أقول «الحمد لله» قال: قل «بسم الله الرحمن الرحيم»
وبإسناده عن علي بن أبي طالب أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ «بسم الله الرحمن الرحيم» وكان يقول: من ترك قراءتها فقد نقص في صلاته
وبإسناده عن ابن عباس في قوله وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي [الحجر: ٨٧] قال: فاتحة الكتاب. فقيل لابن عباس: فأين السابع؟ فقال: «بسم الله الرحمن الرحيم».
وعن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال:

(١، ٢) رواه أبو داود في كتاب السنّة باب ٥. الترمذي في كتاب العلم باب ١٦. ابن ماجه في المقدمة باب ٦. الدارمي في المقدمة باب ١٦.


الصفحة التالية
Icon