الرياض ومشرب من الحياض فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ [الزخرف: ٧١] وقَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ [البقرة: ٦٠].
شربنا وأهرقنا على الأرض قسطها | وللأرض من كأس الكرام نصيب |
شربت الحب كأسا بعد كأس | فما نفذ الشراب وما رويت |
١٤٣] ويعربد أخرى بقوله إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ [الأعراف: ١٥٥] ومن كمال صحو الخليل ما زل قدمه في أدب من آداب العبودية في الحضور والغيبة فلا جرم أكرم اليوم بكرامة الشيبة
«إن أول ما شاب شيبة إبراهيم»
ويحترم غدا بالكسوة
«إن أول من يكسى إبراهيم» «١»
ولما ابتلي في ماله فبذل للضيفان وابتلي في ولده فأسلم وتله للجبين وابتلي في نفسه فاستسلم لمنجنيق ابن كنعان، وابتلي بجبرائيل فقال: أما إليك فلا. لا جرم أكرمه الله بالإمامة إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [البقرة: ١٢٤] ومن إمامته أنه كان أول من دق باب طلب الحق وقال هذا رَبِّي [الأنعام: ٧٦] وأول من سلك طريق الحق وقال إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي [الصافات: ٦٩] وأول من نطق بالمحبة وقال لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ [الأنعام: ٧٦] وأول من أظهر الشوق وقال لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ [الأنعام: ٧٨] وأول من أظهر العداوة مع غير المحبوب فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ [الشعراء: ٧٧] وأول من اشتاق فسأل الرؤية وقال رَبِّ أَرِنِي ولا تظن أن اشتياقه إلى الرب إنما كان وقت سؤاله.
ولست حديث العهد شوقا ولوعة | حديث هواكم في حشاي قديم |
(١) رواه البخاري في كتاب الأنبياء باب ٨، ٤٨، مسلم في كتاب الجنّة حديث ٥٨. الترمذي في كتاب القيامة باب ٣. النسائي في كتاب الجنائز باب ١١٨. الدارمي في كتاب الرقاق باب ٨٠.