تعلقها بأحداث المحدث في الحال إضافة حادثة. ثم ختم الآية بقوله: وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ قالت الأشاعرة: أي لا يعلمون أن الكل بقضاء الله وبقدره. وقالت المعتزلة:
إنهم لا يدرون أنهم يبقون كفارا عند ظهور الآية التي طلبوها والمعجزات التي اقترحوها فيقسمون بالله جهد أيمانهم على ما لا يشعرون من حال قلوبهم، أو ولكن أكثر المسلمين يجهلون أن هؤلاء لا يؤمنون إلا أن يضطرهم فيطمعون في إيمانهم الاختياري بمجيء الآيات المقترحات.
ثم قال: وَكَذلِكَ قيل: إنه منسوق على قوله: كَذلِكَ زَيَّنَّا [الأنعام: ١٠٨] أي وكما زينا لكل أمة عملهم جَعَلْنا وقيل: إن المشار إليه محذوف أي وكما خلينا بينك وبين أعدائك كذلك فعلنا بمن قبلك من الأنبياء وأعدائهم، لم نمنعهم من العداوة لما فيه من الامتحان الذي هو سبب ظهور الثبات والصبر وكثرة الثواب والأجر. قالت الأشاعرة:
لا شك أن تلك العداوة معصية وكفر، وأن جعلها شرفا لآية تدل على أن خالق الخير والشر والطاعة والمعصية والإيمان والكفر هو الله. قال الجبائي: المراد بهذا الجعل أنه حكم وبين فإن الرجل إذا حكم بكفر إنسان قيل إنه كفره، وإذا أخبر عن عدالته قيل عدله. وقال الكعبي: إنه أمر الأنبياء بعداوتهم وأعلمهم بكونهم أعداء لهم فاقتضى ذلك أنهم صاروا أعداء للأنبياء. لأن العداوة تكون من الجانبين. أجاب أبو بكر الأصم بأنه لما أرسل محمدا إلى العالمين وخصه بتلك المعجزات صار ذلك التخصيص سببا للحسد والعداوة أو للبغضاء فهذا هو المراد بجعلهم أعداء له. وزيف بأن الأفعال مستندة إلى الدواعي وهي من الله تعالى، وبأن العداوة والمحبة متعلقة بالطبع لا بالإرادة والتكلف فلا يقدر عليها إلا الله تعالى. وانتصاب ال شَياطِينَ كما مر في قوله: وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ [الأنعام:
١٠٠] قال الزجاج وابن الأنباري: عَدْواً في معنى الجمع، ولقائل أن يقول: لا حاجة إلى هذا التكلف لصحة قولنا: وكذلك جعلنا لكل واحد من الأنبياء عدوّا واحدا. إذ ليس يجب أن يحصل لكل واحد من الأنبياء أكثر من عدو واحد. عن ابن عباس: كل عات متمرد من الجن والإنس فهو شيطان. وقال مجاهد وقتادة والحسن: إن من الجن شياطين ومن الإنس شياطين، وإن شيطان الجن إذا أعياه المؤمن ذهب إلى متمرد من الإنس وهو شيطان الإنس فأغراه بالمؤمن ليعينه عليه.
روي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لأبي ذر: هل تعوّذت بالله من شر شياطين الإنس والجن؟ قال: قلت: وهل للإنس من شياطين؟ قال:
نعم، هم شر من شياطين الجن.
وقيل: إن الجميع من ولد إبليس إلا أن الذي يوسوس للإنس يسمى شيطان الإنس، والذي يوسوس للجن يسمى شيطان الجن. وزيف بأن المقصود من الآية الشكاية من سفاهة الكفار الذين هم الأعداء وهم الشياطين. وعن


الصفحة التالية
Icon