تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور: ٣٧] وأراد ذكر الصلاة بعد نسيانها وكان حق العبارة أن يقال لذكرها
كقوله ﷺ «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» »
فلعل المضاف محذوف أي لذكر صلاتي، أو ذكر الصلاة هو ذكر الله فالياء في الأصل منصوب، أو الذكر والنسيان من الله عز وجلّ في الحقيقة فالياء فاعل. قال الشافعي: من فاتته صلاة يستحب أن يقضيها على ترتيب الأداء ولو ترك الترتيب جاز. ولو دخل عليه وقت فريضة وتذكر فائتة فإن كان في الوقت سعة يستحب أن يبدأ بالفائتة، وإن بدأ بصلاة الوقت جاز إلا إذا ضاق الوقت فإنه يجب الابتداء بصلاة الوقت، وإن تذكر الفائتة بعد ما شرع في صلاة الوقت أتمها ثم قضى الفائتة، ويستحب أن يعيد صلاة الوقت بعدها. وقال أبو حنيفة: يجب الترتيب في قضاء الفوائت ما لم تزيد على صلاة يوم وليلة حتى لو تذكر خلال صلاة الوقت بطلت إلا أن يكون الوقت ضيقا فلا تبطل. حجة الشافعي ما
روي في حديث قتادة أنهم ناموا عن صلاة الفجر ثم انتبهوا بعد طلوع الشمس فأمرهم النبي ﷺ أن يقودوا رواحلهم ثم صلاها،
ولو كان وقت الانتباه متعينا للصلاة لما فعل كذلك. نعم إنه وقت لتقرير الوجوب عليه ثم الوقت موسع بعد ذلك. حجة أبي حنيفة قوله تعالى أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي
وقوله ﷺ فليصلها «إذا ذكرها»
وفي حديث جابر أن عمر جاء إلى النبي ﷺ يوم الخندق يسب كفار قريش ويقول: يا رسول الله ما صليت صلاة العصر حتى كادت تغيب الشمس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وأنا والله ما صليتها بعد. قال: فنزل في البطحاء وصلى العصر بعد ما غابت الشمس ثم صلى المغرب بعدها.
وأما القياس فهما صلاتان فريضتان جمعهما وقت واحد في اليوم والليلة فأشبهتا صلاني عرفة ومزدلفة. فلما لم يجز إسقاط الترتيب فيهما وجب أن يكون كذلك حكم الفوائت فيما دون اليوم والليلة، وأما إذا دخل في حد الكثرة فيسقط هذا الترتيب. ثم لما أمر موسى بالعبادة عامة وبالصلاة التي هي أفضلها خاصة علل ذلك بقوله إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ.
سؤال: «كاد» نفيه إثبات وإثباته نفي. فقوله أَكادُ أُخْفِيها يكون معناه لا أخفيها وهو باطل لقوله إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ [لقمان: ٣٤] ولأن قوله. لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ إنما يليق بالإخفاء لا بالإظهار إذ لو كان المكلف عارفا وقت القيامة وكذا وقت الموت اشتغل بالمعاصي إلى قريب من ذلك الوقت ثم تاب فيكون إغراء على المعصية.