ابن هشام، ثُمّ رجع إلى المنافقين فَقَالَ- عَزَّ وَجَلّ-: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ- يعني صدقنا بِاللَّه بأنه واحد لا شريك لَهُ وصدقنا بالبعث الَّذِي فِيهِ جزاء الأعمال بأنه كائن فكذبهم اللَّه- عَزَّ وَجَلّ- فَقَالَ: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ- ٨- يعني بمصدقين بالتوحيد وَلا بالبعث الَّذِي فِيه جزاء الأعمال يُخادِعُونَ اللَّهَ حين أظهروا الْإِيمَان بمحمد، وأسروا التكذيب وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ- ٩- نزلت فِي منافقي أَهْل الكتاب اليهود منهم عبد الله بن أبى بن سلول، وجد بن قيس، والحارث ابن عمرو، ومغيث بن قشير، وعَمْرو بن زَيْد، فخدعهم اللَّه فِي الآخرة حين يَقُولُ فِي سورة الحديد: ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً «١». فَقَالَ لهم استهزاء بِهِمْ «٢» كَمَا استهزءوا فِي الدُّنْيَا بالمؤمنين حين قَالُوا: آمنا وليسوا بمؤمنين، وذلك قوله- عَزَّ وَجَلّ-: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ
«٣» : أيضا عَلَى الصراط حين يُقَالُ لهم ارْجِعُوا وراءكم فالتمسوا نورا.
فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعنى الشك بالله وبمحمد نظيرها فى سورة محمد أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ «٤» يعنى الشك [٦ أ].
فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً يعني شكا فِي قلوبهم وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ يعني وجيع فِي الآخرة بِما كانُوا يَكْذِبُونَ- ١٠- لقولهم آمنا بالله وباليوم الآخر وذلك أن عَبْد اللَّه بن أُبَيٍّ المنافق قَالَ لأصحابه: انظروا إليّ وإلى ما أصنع فتعلموا مني وانظروا دفعي فِي هَؤُلاءِ القوم كيف أدفعهم عن نفسي وعنكم. فَقَالَ أصحابه:
أَنْت سيدنا ومعلمنا، ولولا أَنْت لَمْ نستطع أن نجتمع مَعَ هَؤُلاءِ. فَقَالَ عَبْد اللَّه
(٢) «بهم» : ساقطة من ل وأ.
(٣) سورة النساء: ١٤٢.
(٤) سورة محمد: ٢٩.