وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وذلك أن اللَّه إذا بعث نبيا إلى الناس فأطاعوه صلحت الأرض وصلح أهلها وأن المعاصي فساد المعيشة وهلاك أهلها يَقُولُ لا تعملوا فِي الأرض بالمعاصي بعد الطاعة وَادْعُوهُ خَوْفاً من عذابه وَطَمَعاً فِي رحمته فَمنْ فعل ذَلِكَ وَهُوَ محسن فذلك قوله: إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ- ٥٦- يعني بالرحمة المطر، يَقُولُ الرحمة لهم وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً «١» بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ يَقُولُ الرياح نشرا للسحاب كقوله: يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً «٢» يسير السحاب قدام الرياح حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ يعني إذا حملت الريح سَحاباً ثِقالًا من الماء سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ لَيْسَ فِيهِ نبات فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ بالماء من الأرض مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ يعني هكذا نُخْرِجُ يُخْرِج اللَّه الْمَوْتى من الأرض بالماء كَمَا أخرج النبات من الأرض بالماء لَعَلَّكُمْ يعني لكي تَذَكَّرُونَ- ٥٧- فتعتبروا فِي البعث أَنَّهُ كائن- نظيرها فِي الروم «٣» والملائكة «٤» -.

(١) فى أ: نشرا. وقراءة حفص وعاصم بشرا وهو تخفيف بشر جمع بشير وقد قرئ به. وبشرا بفتح الباء مصدر بشره بمعنى باشرات والبشارة وبشرى.
أما نشرا فهو جمع نشور بمعنى ناشر وقرأ ابن عامر نشرا بالتخفيف حيث وقع وحمزة والكسائي نشرا بفتح النون حيث وقع على أنه مصدر فى موضع الحال بمعنى ناشرات أو مفعول مطلق فإن الإرسال والنشر متقاربان (انظر البيضاوي).
(٢) سورة الروم: ٤٨.
(٣) يشير إلى الآية ٢٤ من سورة الروم وهي: وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ.
(٤) الآية ٩ من سورة فاطر وهي: وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ.


الصفحة التالية
Icon