بني إِسْرَائِيل بخير حين خرج إلى الجبل وَأَصْلِحْ يعني وأرفق بهم- نظيرها فِي القصص وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ «١» يعني الرافقين بك وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ- ١٤٢- منهم وَلَمَّا جاءَ مُوسى الجبل لِمِيقاتِنا يعني لميعادنا لتمام الأربعين يومًا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ فَلَمَّا سَمِع كلام ربه استحلاه واشتاق إلى رؤية ربه قالَ: يا رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ له ربه إنك لَنْ تَرانِي وَلكِنِ اجعل بيني وبينك علما هُوَ أقوى منك يعني الجبل انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي وإن لَمْ يستقر الجبل مكانه فإنك لن تطيق رؤيتي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا يعني قطعا فصار الجبل دكا «يعني قطعا على» «٢» ستة فرق فوقع ثلاثة بأجبل مكة: بثير، وغار ثَوْر، وحزن. ووقع بالمدينة:
رضوى، وورقان، وجبل أحد، فذلك قوله جَعَلَهُ دَكًّا «٣» وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً

(١) سورة القصص: ٢٧.
(٢) زيادة من: ل.
(٣) ليس فى نص الآية ما يفيد أن الجبل صار قطعا وأنه كون ستة جبال.
وخلاصة الآية: أن الله لما تجلى بعظمته وجلاله للجبل صار ترابا وصعق موسى من هول ما رأى، قال فى تفسير المنار:
(وأحسن ما ورد فى التفسير المأثور لهذه الآية مطابقا لمتن اللغة ما رواه ابن جرير وابن أبى حاتم وأبو الشيخ والبيهقي فى الرؤية عن ابن عباس فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قال ترابا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً قال مغشيا عليه وقد ورد فى بعض الآثار والأحاديث المرفوعة أيضا أن الجبل ساخ أى غاص فى الأرض، وهو يتفق مع المعنى الأول، أى أنه رج بالتجلى رجا، وبست حجارته بسا، وساخ فى الأرض كله أو بعضه فى أثناء ذلك حتى صار كما قال بعضهم ربوة دكاء كالرمل المتلبد.
والمعنى فلما تجلى ربه للجبل أقل التجلي وأدناه انهد وهبط من شدته وعظمته وصار كالأرض المدكوكة أو الناقة الدكاء (وهي التي لا سنام لها).
قال فى الأساس: دككته دققته، ودك الركبة كبسها، وجمل أدك وناقة دكاء: لا سنام لهما، واندك السنام: افترش على الظهر ونزلنا بدكداك: رمل متلبد بالأرض.


الصفحة التالية
Icon