تكذبوا محمدا- صلى الله عليه وسلم-، لما قال كفار مكة:... ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ «١»، فأنزل الله- تعالى- أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ فى أول هذه السورة وذلك أن كفار مكة كذبوا بالبعث، يقول الله- تعالى- أعجزت عن الخلق حين خلقتهم ولم يكونوا شيئا، فكيف أعيى عن بعثهم، فلم يصدقوا، فقال الله- تعالى- بل يبعثهم الله، ثم استأنف فقال: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ- ١٥- يقول في شك من البعث بعد الموت. ثم قال: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ يعني قلبه وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ- ١٦- وهو عرق خالط القلب فعلم الرب- تعالى- أقرب إلى القلب من ذلك العرق، ثم قال: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيانِ يعني الملكين يتلقيان عمل ابن آدم ومنطقه عَنِ الْيَمِينِ ملك يكتب الحسنات وَعَنِ الشِّمالِ ملك قَعِيدٌ- ١٧- يكتب السيئات فلا يكتب صاحب الشمال إلا بإذن صاحب اليمين، فإن تكلم ابن آدم بأمر ليس له ولا عليه اختلفا في الكتاب «٢»، فإذا اختلفا نوديا من السماء ما لم يكتبه صاحب السيئات فليكتبه صاحب الحسنات، فذلك قوله: مَا يَلْفِظُ ابن آدم مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ- ١٨- يقول إلا عنده حافظ قعيد يعني ملكيه، قوله: وَجاءَتْ سَكْرَةُ يعنى غمرة الْمَوْتِ بِالْحَقِّ يعني أنه حق كائن ذلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ- ١٩- يعني من الموت تحيد، يعني يفر ابن آدم يعنى بالفرار كراهيته للموت، قوله: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ يعنى النفخة الآخرة ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ- ٢٠- يعنى بالوعيد العذاب فى الآخرة وَجاءَتْ في الآخرة كُلُّ نَفْسٍ كافرة مَعَها سائِقٌ

(١) سورة ق: ٢.
(٢) كذا فى أ، ف، والمراد الكتابة، أى أن كل واحد منهما يريد أن يكتب هذا الأمر.


الصفحة التالية
Icon