قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا نزلت في أعراب جهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وأشجع، «كانت» «١» منازلهم بين مكة والمدينة، فكانوا إذا مرت بهم سرية من سرايا النبي- صلى الله عليه وسلم- قالوا آمنا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم، وكان يومئذ من قال «لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» يأمن على نفسه وماله فمر بهم خالد بن الوليد في سرية للنبي- صلى الله عليه وسلم- فقالوا آمنا فلم يعرض لهم، ولا لأموالهم، فلما سار النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى الحديبية واستنفرهم معه. فقال بعضهم لبعض:
إن محمدا وأصحابه أكلة رأس لأهل مكة، وإنهم كلفوا شيئا لا يرجعون عنه أبدا فأين تذهبون تقتلون أنفسكم؟ انتظروا حتى ننظر ما يكون من أمره، فذلك قوله في الفتح: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً... إلى آخر الآية «٢» فنزلت فيهم قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا يعنى صدقنا، قل لهم: يا محمد لَمْ تُؤْمِنُوا لم تصدقوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا يعني قولوا أقررنا باللسان، واستسلمنا لتسلم لنا أموالنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ يعني ولما يدخل التصديق فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في قتال أهل اليمامة حيث قال في سورة الفتح:... سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ... «٣» يعنى قتال مسيلمة بين حبيب الكذاب وقومه بني حنيفة، وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إذا دعيتم إلى قتالهم لا يَلِتْكُمْ يعني لا ينقصكم مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً الحسنة يعنى جهاد أهل ايمامة
(٢) سورة الفتح: ١٢، وتمامها: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً.
(٣) سورة الفتح: ١٦، وتمامها: قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً.