نقل عن الصفاقسي قوله: وقولهم: «لَقَدْ عَلِمْتَ» جواب قَسَمٍ محذوف معمول لقول محذوف في موضع الحال، أي: قائلين: لقد علمت.
وفي أصل الكلمة يقول عند قوله تعالى: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً...
[الأعراف: ٣٨] : و «اداركوا» معناه: تلاحقوا. أصله: تداركوا أدغم، فجلبت ألف الوصل.
ويذكر بعض لغات العرب، فيقول عند تفسير قوله تعالى: قالَ أَحَدُهُما إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً... [يوسف: ٣٦] : قيل فيه: إنه سمى العنب خمرا بالمئال. وقيل: هي لغةُ أزدِ عُمَان، يسمُّون العِنَبَ خمرا.
سادسا: ذكره لأسباب النّزول، ومكّيّ القرآن ومدنية:
وهذا الفنّ شريف عزيز، فبه يستطيع المفسر أن يحسن الوصول إلى المعنى من الآية، فيسهل فهمها بمعرفة الملابسات التي أحاطت بنزولها.
وقد ذكر الثعالبي أسباب نزول بعض الآيات، فمثلا:
في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها [النساء: ٥٨] يقول:
«خطاب للنبي ﷺ في أمر مِفْتَاحِ الكَعْبَةِ حين أخذه من عُثْمَانَ بْنِ طَلْحة، ومن ابن عَمِّه شَيْبَة، فطلبه العَبَّاس بْنُ عَبْدِ المطَّلب لِيُضِيفَ السَّدَانَةَ إلى السّقاية، فدخل النبي ﷺ الكعبةَ، وكَسَرَ ما كَانَ فيها من الأوثانِ، وأخْرَجَ مَقَامَ إبراهيمَ، وَنَزَلَ عليه جِبْرِيلُ بهذه الآية.
قال عمر بنُ الخَطَّاب: فخرج النبيُّ ﷺ وهو يقرأُ هذه الآيةَ، وما كُنْتُ سَمْعْتُهَا قَبْلُ مِنْهُ، فَدَعَا عُثْمَانَ وشَيْبَةَ، فَقَالَ لَهُمَا: خُذَاهَا خَالِدَةً تَالِدَةً، لاَ يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلاَّ ظالم..»
.
وفي قوله تعالى: وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً... [النساء: ١٢٨] يقول:
واختلف في سَبَبِ نزولِ الآية، فقال ابنُ عبَّاس وجماعةٌ:

وفي قوله تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ... [الإسراء: ٨٥] يقول: روى ابن مسعود أن اليهود قال بعضُهم لبعْض: سَلُوا محمداً عن الرُّوحِ، فإِن أجاب فيه عرفتم أنه ليس بنبي... فسألوه، فنزلَتِ الآية. وقيل: إن الآية مكِّية، والسائلون هم قريش بإشارة اليهود.
«نزلَتْ في النبيِّ- عليه السلام- وسودة بنت زمعة » ثم حكى أقوالا أخرى.
وأما ما ذكره لمكّي القرآن ومدنيّه، فكان يذكر في أوائل السور كونها مكية أو مدنية،


الصفحة التالية
Icon