التشهّي، وأما استنباط المعاني على قانون اللّغة فمما يعدّ فضلا وكمالا».
وقد رجّح المرحوم الدكتور الذهبي هذا الرأي، وعلّل ذلك بقوله «١» :
«وذلك لأن التّفسير معناه: الكشف والبيان، والكشف عن مراد الله تعالى لا نجزم به إلا إذا ورد عن رسول الله ﷺ أو عن بعض أصحابه، الذين شهدوا نزول الوحي، وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا رسول الله ﷺ ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن الكريم.
«وأما التأويل: فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللّفظ بالدليل، والترجيح يعتمد على الاجتهاد، ويتوصّل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب، واستعمالها بحسب السياق، ومعرفة الأساليب العربيّة، واستنباط المعاني من كلّ ذلك»
.
وهذا هو ما نميل إليه.
حاجة النّاس إلى التّفسير
نزل القرآن الكريم لغرضين أساسيّين:
أولهما: ليكون معجزة فلا يقدر البشر على أن يأتوا بمثله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء: ٨٨]، ولا بسورة من مثله: قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يونس: ٣٨].
ثانيهما: ليكون منهج حياة، ودستورا للمسلمين، فيه صلاحهم وفلاحهم إذ تكفّل بكلّ حاجاتهم من أمور الدين والدنيا: عقائد، وأخلاق، وعبادات، ومعاملات... إلخ.
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس: ٥٧].
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً [الاسراء: ٨٢]، ففي اتباعه الهداية، وفي الإعراض عنه الشقاء والضّنك فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً

(١) «التفسير والمفسرون» ١/ ٢٣.


الصفحة التالية
Icon