وكان الصحابة يجتهدون في فهم القرآن الكريم مستعينين على ذلك ب «١» :
١- معرفة أوضاع اللّغة وأسرارها.
٢- معرفة عادات العرب.
٣- معرفة أحوال اليهود والنصارى في الجزيرة وقت نزول القرآن.
٤- قوّة الفهم، وسعة الإدراك.
وبدهيّ أن يتفاوت الصحابة في توافر هذه الأدوات عندهم. وبالتّالي في فهم القرآن الكريم فلم يكونوا جميعا في مرتبة واحدة، ومن هنا كان الاختلاف اليسير بينهم في تفسير القرآن الكريم.
ومن ذلك:
- ما روي «من أن الصحابة فرحوا حين نزل قوله تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة: ٣] لظنّهم أنها مجرّد إخبار وبشرى بكمال الدين، ولكنّ عمر بكى وقال: ما بعد الكمال إلّا النّقص، مستشعرا نعي النبيّ ﷺ وقد كان مصيبا في ذلك إذ لم يعش النبيّ ﷺ بعدها إلا واحدا وثمانين يوما كما روي» «٢».
- وفيه ما رواه البخاريّ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال «٣» :
«كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر. فكأنّ بعضهم وجد في نفسه، وقال: لم يدخل هذا معنا، وإنّ لنا أبناء مثله؟ فقال عمر: إنّه من أعلمكم، فدعاهم ذات يوم فأدخلني معهم، فما رأيت أنه دعاني فيهم إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قوله تعالى: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [النصر: ١] ؟
فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذ نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم، ولم يقل شيئا، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عبّاس؟
فقلت: لا، فقال: ما تقول؟
قلت: هو أجل رسول الله ﷺ أعلمه الله له، قال: إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ
(٢) «الموافقات» للشاطبي ج ٣/ ٣٨٤، «التفسير والمفسرون» ١/ ٦١، ٦٢. [.....]
(٣) «فتح الباري بشرح صحيح البخاري» ٨/ ٥١٩، / باب التفسير، وكذا «أسد الغابة».