النبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم عرض القرآن على أبيّ بن كعب وزيد بن ثابت، وقيل: إنّه قرأ على علي بن أبي طالب- رضي الله عنه».
لقد أوتي ابن عبّاس علما غزيرا جعله أبرز المفسّرين، وأتمّهم اضطلاعا بالتفسير حتّى إنه «لم يبق عند منتصف القرن الأوّل من الهجرة من بين الصحابة وغيرهم إلّا مذعن لابن عبّاس، مسلّم له مقدرته الموفّقة، وموهبته العجيبة، وعلمه الواسع في تفسير القرآن» «١».
لقد امتلك ابن عبّاس أدوات المفسّر فكان عالما بأسرار العربيّة يحفظ الكثير من الشّعر القديم، ويحثّ النّاس على النّظر فيه قائلا «٢» :
«إذا تعاجم شيء من القرآن، فانظروا في الشّعر فإنّ الشّعر عربيّ».
وهو القائل «٣» :
«الشّعر ديوان العرب فإذا خفي علينا الحرف من القرآن الّذي أنزله الله بلغة العرب، رجعنا إلى ديوانها فالتمسنا ذلك منه».
وقد ذكر السّيوطيّ بسنده حوارا دار بين نافع بن الأزرق وابن عبّاس فقال «٤» :
بينا عبد الله بن عبّاس جالس بفناء الكعبة، قد اكتنفه الناس يسألونه عن تفسير القرآن، فقال نافع بن الأزرق لنجدة بن عويمر:
قم بنا إلى هذا الذي يجترىء على تفسير القرآن بما لا علم له به، فقاما إليه، فقالا:
إنّا نريد أن نسألك عن أشياء من كتاب الله فتفسّرها لنا، وتأتينا بمصادقة من كلام العرب فإنّ الله تعالى إنما أنزل القرآن بلسان عربيّ مبين، فقال ابن عبّاس: سلاني عما بدا لكما، فقال نافع:
أخبرني عن قول الله تعالى: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ [المعارج: ٣٧].
قال: العزون: حلق الرّفاق.
(٢) «التفسير ورجاله» / ابن عاشور ص ١٧.
(٣) «الإتقان» ١/ ١١٩، «غاية النهاية في طبقات القراء» ٤٢٦.
(٤) «الإتقان» ١/ ١٢٠.