يقول ابن الصّلاح «١» :
«ما قيل من أنّ تفسير الصحابيّ حديث مسند، فإنما ذلك في تفسير يتعلّق بسبب نزول آية يخبر به الصّحابيّ، أو نحو ذلك مما لا يمكن أن يؤخذ إلّا عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا مدخل للرأي فيه كقول جابر- رضي الله عنه-: كانت اليهود تقول:
من أتى امرأة من دبرها في قبلها، جاء الولد أحول فأنزل الله عزّ وجلّ:
نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ... [البقرة: ٢٢٣] الآية، فأما سائر تفاسير الصحابة التي لا تشتمل على إضافة شيء إلى الرسول ﷺ فمعدودة في الموقوفات».
وذكروا أن تفسير الصحابيّ له حكم المرفوع إذا لم يكن للرأي فيه مجال، وأما ما يكون للرأي فيه مجال، فله حكم الموقوف.
وما حكم عليه بالوقف:
قال بعض العلماء: لا يجب الأخذ به لأنه مجتهد فيه، وقد يصيب وقد يخطىء.
وقال بعضهم:
يجب الأخذ به لأنه: إما سمعه من الرسول، وإما فسّره برأيه، وهم أدرى النّاس بكتاب الله، وهم أهل اللسان، ولما شاهدوه من القرائن والأحوال، ولا سيّما ما ورد عن الأئمّة الأربعة وابن مسعود وابن عبّاس وغيرهم «٢».
يقول الزركشيّ «٣» :
«اعلم أنّ القرآن قسمان: قسم ورد تفسيره بالنّقل، وقسم لم يرد، والأوّل: إما أن يرد عن النبيّ ﷺ أو الصحابة، أو رءوس التابعين، فالأوّل: يبحث فيه عن صحّة السّند، والثاني: ينظر فيه تفسير الصحابيّ: فإن فسّره من حيث اللغة، فهم أهل اللسان فلا شكّ في اعتماده، أو بما شاهدوه من الأسباب والقرائن فلا شكّ فيه... ».
ويقول الحافظ ابن كثير «٤» :
«.. وحينئذ: إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السّنّة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصّحابة فإنّهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي اختصّوا بها، ولما لهم
(٢) «التفسير والمفسرون» ص ٩٥ (بتصرف).
(٣) «البرهان» ٢/ ١٨٣.
(٤) مقدمة «تفسير ابن كثير» / الجزء الأول.