والنصارى، وتعمُّ كلَّ من كان بهذه الحال، وفيها توبيخ للمعاصرين لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، روى أبو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ «١»، عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم «أَنَّ بَنِي إسْرَائِيلَ قَتَلُوا ثَلاَثَةً وَأَرْبَعِينَ نَبِيًّا، فاجتمع مِنْ عُبَّادِهِمْ وأَحْبَارِهِمْ مِائَةٌ وعِشْرُونَ لِيُغَيِّرُوا المُنْكَرَ، وَيُنْكِرُوا، فَقُتِلُوا جَمِيعاً، كُلُّ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، وذَلِكَ معنى قَوْلِهِ تعالى: وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ «٢»، وحَبِطَتْ: معناه: بَطَلَتْ.
وقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ...
الآية: قال ابن عبَّاس: نزَلَتْ هذه الآية بسبب أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخَلَ بيْتَ المِدْرَاسِ على جماعةٍ من يَهُود، فدعاهمْ إِلى اللَّه تعالى، فقال له نُعَيْمُ بْنُ عَمْرٍو، والحَارِثُ بْنُ زَيْدٍ: على أَيِّ دِينٍ أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ، فقالَ رسولُ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم: أنا على ملّة إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَهُودِيًّا، فَقَالَ لَهُمُ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: فَهَلُمُّوا إِلَى التَّوْرَاةِ، فَهِيَ بَيْنَنَا، وَبَيْنَكُمْ، فَأَبَيَا عَلَيْهِ، وَنَزَلَتِ الآيةُ «٣».
قال ع «٤» : فالكتابُ في قوله: مِنَ الْكِتابِ: اسمُ جنس، والكتابُ في قوله: إِلى كِتابِ اللَّهِ هو التوراةُ، وقال قتادةُ وابنُ جُرَيْجٍ: هو القرآن «٥»، ورجَّح الطبريُّ الأولَ «٦».
وقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا: الإشارة فيه إٍلى التولِّي والإِعراض، أي: إِنما تولَّوْا، وأعرضوا لاغترارهم بأقوالهم، وافترائهم، ثم قال تعالى خطابا لنبيّه محمّد صلّى الله عليه وسلّم،
أحد العشرة المشهور لهم بالجنة، وشهد بدرا وأحدا. وسائر المشاهد مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية. توفي في طاعون «عمواس» سنة (١٨).
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٦/ ٢٠٥)، «الإصابة» (٧/ ١٢٨)، «تجريد أسماء الصحابة» (٢/ ١٨٥)، «بقي بن مخلد» (١٥١)، «الاستيعاب» (٤/ ١٧١٠)، «تقريب التهذيب» (٢/ ٤٤٨)، «تهذيب التهذيب» (١٢/ ١٥٩)، «تهذيب الكمال» (٣/ ١٦٢٣)، «العقد الثمين» (٨/ ٦٩)، «مقاتل الطالبين» (٥٧).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٦) برقم (٦٧٧٧)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢٣)، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٢١٧) برقم (٦٧٧٨) عن ابن عباس.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٢٤)، وزاد نسبته إلى ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤١٦). [.....]
(٥) ذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٣١٢)، وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٤١٦).
(٦) ينظر الطبري (٣/ ٢١٩).