«إذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْداً، حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ المَاءَ» «١»، قال أبو عيسى: وفي البابِ عَنْ صُهَيبٍ، وأُمِّ المُنْذِرِ، وهذا حديثٌ حسنٌ، وفي الترمذيِّ عن ابن مسعود قال: «نام النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حَصِيرٍ، فَقَامَ وَقَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوِ اتخذنا لَكَ فراشا؟! فقال: مالي وما للدّنيا، وما أَنَا فِي الدُّنْيَا إلاَّ كَرَاكِبٍ استظل تَحْتَ شَجَرَةٍ، ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا» «٢»، وفي الباب عن ابنِ عُمَر، وابن عبَّاس، قال أبو عيسى: هذا حديثٌ/ حسنٌ صحيحٌ. انتهى.
وقوله سبحانه: فِي بُرُوجٍ الأكثرُ والأصحُّ الذي علَيْه الجمهورُ: أنه أراد ب «البُرُوج» : الحُصُونَ التي في الأرْضِ المبنيَّة لأنها غايةُ البَشَر في التحصُّن والمَنَعة، فمَثَّل اللَّه لهم بها، قال قتادة: المعنى: في قصورٍ محصَّنة»
وقاله ابنُ جُرَيْجٍ «٤» والجُمْهُور، وبَرَّجَ: معناه: ظَهَر ومنه تبرُّج المرأة، ومُشَيَّدَةٍ: قال الزَّجَّاج «٥» وغيره: معناه:
مرفُوعَة مطوَّلة ومنه أَشَادَ الرَّجُلُ ذِكْرَ الرَّجُل إذا رفَعَهُ، وقالتْ طائفةٌ: مُشَيَّدَةٍ: معناه:
محسَّنة بالشِّيدِ، وهو الجَصُّ، وروى النسائيَّ عن أبي هُرَيْرَة أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ»، يعني: الموتَ، وخرَّجه ابنُ ماجة والترمذيُّ «٦»، وخرَّجه أبو نُعَيْمٍ

(١) أخرجه الترمذي (٤/ ٣٨١)، كتاب «الطب»، باب ما جاء في الحمية، حديث (٢٠٣٦)، والحاكم (٤/ ٢٠٧، ٣٠٩)، وابن حبان (٢٤٧٤- موارد) من حديث قتادة بن النعمان مرفوعا.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.
(٢) أخرجه الترمذي (٤/ ٥٨٨- ٥٨٩)، كتاب «الزهد» باب (٤٤) رقم (٢٣٧٧)، وابن ماجة (٢/ ١٣٧٦)، كتاب «الزهد»، باب مثل الدنيا، حديث (٤١٠٩)، وأحمد (١/ ٤٤١)، والطيالسي (٢/ ١٢٠- منحة) رقم (٢٤٣٠)، والحاكم (١/ ٣١٠)، وأبو نعيم في «الحلية» (٢/ ١٠٢) كلهم من طريق علقمة عن ابن مسعود به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه الحاكم.
(٣) أخرجه الطبري (٤/ ١٧٥) برقم (٩٩٦٣)، وذكره البغوي (١/ ٤٥٤)، وابن عطية (٢/ ٨٠)، والسيوطي (٢/ ٣٢٩)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة. [.....]
(٤) أخرجه الطبري (٤/ ١٧٥) برقم (٩٩٦٥)، وذكره ابن عطية (٢/ ٨٠).
(٥) ينظر: «معاني القرآن» (٢/ ٧٩).
(٦) أخرجه الترمذي (٤/ ٤٧٩)، كتاب «الزهد»، باب ما جاء في ذكر الموت، حديث (٢٣٠٧)، والنسائي (٤/ ٤) كتاب «الجنائز»، باب كثرة ذكر الموت، وابن ماجة (٢/ ١٤٢٢) كتاب «الزهد»، باب ذكر الموت والاستعداد له، حديث (٤٢٥٨)، وأحمد (٢/ ٢٩٢- ٢٩٣)، وابن أبي شيبة (١٣/ ٢٢٦)، رقم (١٦١٧٤)، والحاكم (٤/ ٣٢١)، وابن حبان (٢٥٥٩- موارد)، ونعيم بن حماد في «زوائد الزهد».
رقم (١٤٦)، والخطيب (٩/ ٤٧٠)، والقضاعي في «مسند الشهاب» (١/ ٣٩١) رقم (٦٦٩) كلهم من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. -


الصفحة التالية
Icon