تَهَاوَنَ بالقُرْآنِ، وَحَدِيثِيَ، / خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ... » الحديثَ «١»، وعن أبي هريرةَ (رضي اللَّه عنه)، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «المُسْتَمْسِكُ بسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي، لَهُ أَجْرُ مِائَةِ شَهِيدٍ» «٢»، وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: «عليكُمْ بالسبيلِ والسُّنَّةِ، فإِنه ما على الأرضِ من عبد على السبيل والسنة، ذكر الله في نَفْسِهِ، ففاضَتْ عيناه مِنْ خَشْية ربه، فيعذِّبه اللَّه أبداً، وما على الأرضِ مِنْ عبد على السبيل والسنة، ذكر الله في نَفْسه، فاقشعر جِلْدُهُ مِنْ خَشْية اللَّه، إلا كان مَثَلُهُ كَمَثَلِ شجرة، قَدْ يَبِسَ ورَقُهَا، فهي كَذَلِكَ إِذ أصابتها ريحٌ شديدةٌ فتحاتَّ عنها ورقُها إِلاَّ حَطَّ اللَّه عنه خَطَايَاهُ كما تَحَاتَّ عن الشجرة وَرَقُهَا... » الحديث.
قال عياض: ومن علامات محبّته صلّى الله عليه وسلّم: زُهْدُ مدَّعيها في الدُّنْيا، وإِيثاره الفَقْر، واتصافه فيه ففي حديثِ أبي سَعِيدٍ: «إِنَّ الفَقْرَ إلى مَنْ يُحِبُّنِي مِنْكُمْ أَسْرَعُ مِنَ السَّيْلِ مِنْ أَعْلَى الوَادِي، أَوِ الجَبَل إلى أَسْفَلِهِ» «٣»، وفي حديثِ عبدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «٤» :«قال رجُلٌ للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إٍنِّي أُحِبُّكَ، فَقَالَ: انظر مَا تَقُولُ؟ قَالَ: وَاللَّهِ لأُحِبُّكَ» ثَلاَثَ مَرَّات قَالَ: «إِنْ كُنْتَ تُحِبُّنِي، فَأَعِدَّ لِلفَقْرِ تَجْفَافاً»، ثم ذكر نَحْوَ حديثِ أبِي سَعِيدٍ بمعناه «٥» اهـ من «الشّفا».

(١) ينظر: «تفسير القرطبي» (١٨/ ١٧).
(٢) أخرجه ابن عدي في «الكامل» (٢/ ٧٣٩) من طريق الحسن بن قتيبة عن عبد الخالق بن المنذر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا.
وذكره الذهبي في «الميزان» (١/ ٥١٩) في ترجمة الحسن، وقال: هالك. قال الدارقطني: متروك الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف.
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٤٢) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٤) هو: عبد الله بن مغفل بن عبد غنم المزني. قال البخاري: له صحبة، سكن «البصرة»، وهو أحد البكائين في غزوة «تبوك»، وشهد بيعة الشجرة، ثبت ذلك في الصحيح، وهو أحد العشرة الذين بعثهم عمر ليفقه الناس ب «البصرة». وهو أول من دخل مدينة «تستر» قال ابن الأثير: روى عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أحاديث. وروى عنه: الحسن البصري، وأبو العالية، ومطرف، ويزيد بن عبد الله بن الشخير، وعقبة بن صهبان.. وغيرهم.
توفي ب «البصرة» سنة (٥٩ هـ)، وقيل: سنة (٦٠ هـ).
تنظر ترجمته في: «الثقات» (٣/ ٢٣٦)، «أسد الغابة» (٣/ ٣٩٨)، «الاستبصار» (٢٢٥)، «الجرح والتعديل» (٥/ ١٤٩)، «التحفة اللطيفة» (٢/ ٢٣)، «الإصابة» (٤/ ١٣٢)، «تقريب التهذيب» (١/ ٤٥٣)، «تهذيب التهذيب» (٦/ ٤٢)، «بقي بن مخلد» (٧٥)، «التاريخ الصغير» (١/ ١٢٨)، «التعديل والتجريح» (٧٧٦)، «الخلاصة» (٢/ ١٠٣)، «الاستيعاب» (٣، ٤/ ٩٩٦).
(٥) أخرجه الترمذي (٤/ ٥٧٦- ٥٧٧) كتاب «الزهد»، باب ما جاء في فضل الفقر، حديث (٢٣٥٠) من طريق أبي الوازع عن عبد الله بن مغفل به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وأبو الوازع الراسبي اسمه جابر بن عمرو، وهو بصري. [.....]


الصفحة التالية
Icon