سبحانه لا تنتقصُ خزائنه، فليس يَحْسُبُ ما خرج منها، وقد يُعَبَّر بهذه العبارة عن المُكْثِرِينَ مِنَ النَّاسِ أنهم ينفقون بغَيْرِ حِسَابٍ، وذلك مجازٌ وتشبيهٌ، والحقيقةُ هي فيما ينتفقُ من خزائنِ اللَّه سبحانه، قال الشيخُ ابْنُ أبي جَمْرَةَ (رضي اللَّه عنه) : وقد قال العلماءُ في معنى قوله عزَّ وجلَّ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ: إِنه الفتوحُ، إِذا كان على وجهه. اهـ، ذكر هذا عند شرحه لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لَوْ دُعِيْتُ إلى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ، لأَجَبْتُ». «١»
وقوله تعالى: هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ... الآية: هُنَالِكَ في كلامِ العربِ: إِشارةٌ إِلى مكانٍ أو زمانٍ فيه بُعْدٌ، ومعنى هذه الآية: إِنَّ في الوقْتِ الذي رأى زكريَّاء رزْقَ اللَّهِ لمَرْيَمَ ومكانَتَها مِنَ اللَّه، وفَكَّر في أنَّها جاءَتْ أُمَّها بَعْدَ أَنْ أَسَنَّتْ، وأن اللَّه تعالى تقَبَّلها، وجعَلَها من الصالحاتِ، تحرَّك أملُهُ لطَلَبِ الولدِ، وقَوِيَ رجاؤه، وذلك منْه على حالِ سِنٍّ وَوَهْنِ عَظْمٍ، واشتعال شَيْب، فدعا ربَّه أنْ يَهَبَ له ذريَّةً طيِّبَةً يرثه، والذُّرِّيَّةُ: اسم جنسٍ، يقع على واحد فصاعدًا كما أن الوَلَدَ: اسمُ جنسٍ كذلك، وطَيِّبة: معناه: سَلِيمَة في الخَلْق والدِّين، تَقِيَّة، ثم قال تعالى: فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ [آل عمران: ٣٩]، وترك محذوف كثير
حديث أنس:
أخرجه الترمذي (٣/ ٦٢٣) : كتاب «الأحكام»، باب ما جاء في قبول الهدية وإجابة الدعوة، حديث (١٣٣٨) وفي الشمائل رقم (٣٣٨)، وأحمد (٣/ ٢٠٩)، وابن حبان (١٠٦٥- موارد) وأبو الشيخ في «أخلاق النبيّ» (ص ٢٣٤)، والبيهقي (٦/ ١٦٩) كتاب «الهبات»، باب التحريض على الهبة والبغوي في «شرح السنة» (٧/ ٣٦) كلهم من طريق قتادة عن أنس مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وصححه ابن حبان.
وللحديث طريق آخر عن أنس بلفظ: يا معشر الأنصار تهادوا فإن الهدية تحل السخيمة وتورث المودة، فو الله لو أهدي إلى كراع لقبلت ولو دعيت إلى ذراع لأجبت» قال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ١٤٩)، رواه الطبراني في «الأوسط» والبزار بنحوه وفيه عائذ بن شريح وهو ضعيف.
حديث ابن عباس:
أخرجه الطبراني في «الكبير» (١١/ ١٢٠) رقم (١١٢٣٦) من طريق عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس مرفوعا: «لو دعيت إلى كراع لأجبت».
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ٥٦) : رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن سعد وابن حبان وقال يخطىء وضعفه جماعة.