ينبغي أنْ يدعى بها أهل الكِتَابِ إلى يوم القيامة، «والكلمةُ» هنا عند الجمهور: عبارةٌ عن الألفاظ التي تتضمَّن المعانِيَ المدعوَّ إليها «١»، وهي ما فسر بعد ذلك، وهذا كما تسمِّي العربُ القصيدةَ «كَلِمَةً»، وقوله: سَواءٍ نعتٌ للكلمةِ، قال قتادةُ وغيره: معناه: إلى كلمةٍ عَدْلٍ «٢»، وفي مُصْحَف ابنِ مَسْعود: «إلى كلمةٍ عَدْلٍ» «٣» كما فسر قتادة، قال ع «٤» : والذي أقوله في لفظة سَواءٍ: إنها ينبغي أنْ تفسَّر بتفسير خاصٍّ بها في هذا الموضِعِ، وهو أنه دعاهم إلى معانٍ، جميعُ الناسِ فيها مُسْتَوُونَ.
وقوله: أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ هو في موضعِ خفضٍ على البَدَلِ مِنْ كَلِمَةٍ، أو في موضعِ رفعٍ بمعنى هِيَ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّه، واتخاذُ بعضهم بعضاً أرباباً هو على مراتبَ، أشدُّها: اعتقادهم الألوهيَّة، وعبادتهم لهم كَعُزَيْرٍ، وعيسى، ومريمَ، وأدنى ذلك: طاعتهم لأساقفتهم في كلِّ ما أَمَرُوا بِهِ مِنَ الكُفْر والمعاصِي، والتزامهم طاعتهم شرعاً.
م: فَإِنْ تَوَلَّوْا: أبو البقاءِ: تَوَلَّوْا: فعلٌ ماضٍ، ولا يجوزُ أنْ يكون التقديرُ:
«تَتَوَلَّوا» لفساد المعنى لأنَّ قوله: فَقُولُوا اشْهَدُوا خطابٌ للمؤمنين، وتَوَلَّوْا للمشركينَ. اهـ.
وقوله: فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ: أمر بالإعلان بمخالفتهم، ومواجهتهم بذلك وإشهادهم على معنى التوبيخ والتهديد.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٦٥ الى ٦٨]
يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ وَما أُنْزِلَتِ التَّوْراةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٦٥) ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ حاجَجْتُمْ فِيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٦٦) ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٦٧) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (٦٨)
وقوله تعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْراهِيمَ... الآية: قال ابن عبّاس
قال أبو منصور:... تقع على الحرف الواحد من حروف الهجاء، وتقع على لفظة مؤلفة من جماعة حروف ذات معنى، وتقع على قصيدة بكمالها وخطبة بأسرها. ينظر: «لسان العرب» (٣٩٢٢).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٣٠١) برقم (٧١٩٣) وذكره ابن عطية (١/ ٤٤٩)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٧١)، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن قتادة.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤٤٩)،
(٤) ينظر المصدر السابق.