وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً... الآية: قال أبو العَالِيَة رفيع: الآية في اليهود كفروا بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم بعد إيمانهم بصفاته، وإقرارِهِمْ أنها في التَّوراة، ثم ازدادوا كُفْراً بالذُّنوبِ الَّتي أصابوها في خلاف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مِنَ الافتراءِ، والبَهْتِ، والسَّعْي على الإسلام، وغير ذلك «١».
قال ع «٢» : وعلى هذا الترتيبِ يَدْخُلُ في الآية: المرتدُّون اللاحقون بقُرَيْش، وغيرُهم. وقال مجاهد: معنى قوله: ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً، أي: أتموا على كُفْرهم، وبلغوا المَوْت «٣» به.
قال ع «٤» : فيدخُلُ في هذا القولِ: اليهودُ، والمرتدُّون، وقال السُّدِّيُّ نحوه «٥»، ثم أخبر تعالى أنَّ توبة هؤلاءِ لَنْ تقبَل، وقد قررت الشريعةُ أنَّ توبة كلِّ كافر تقبل، فلا بُدَّ في هذه الآيةِ مِنْ تخصيصٍ تُحْمَلُ عليه، ويصحُّ به نَفْيُ قبولِ التَّوبة، فقال الحسن وغيره:
المعنى: لَنْ تُقْبَلَ توبتُهم عنْدَ الغَرْغَرَةِ والمعاينة، وقال أبو العاليَةِ: المعنى: لَنْ تُقْبَلَ توبتْهم مِنْ تلك الذُّنُوبِ الَّتي أصابُوها مع إقامتهم على كفرهم بمحمّد صلّى الله عليه وسلّم «٦».
قال ع «٧» : وتحتملُ الآية عنْدي أنْ تكونَ إشارةً إلى قومٍ بأعيانهم من المرتدِّين، وهم الذين أشار إلَيْهم بقوله سبحانه: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً [آل عمران: ٨٦]، فأخبر عنهم أنَّه لا

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٣٤١) برقم (٧٣٧٤، ٧٣٧٥)، وذكره الماوردي في «تفسيره» (١/ ٤٠٨)، وأسنده لأبي العالية، وذكره أيضا ابن عطية (١/ ٤٦٩)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٨٨)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤٦٩).
(٣) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٤٧٠)، والسيوطي في «الدر» (٢/ ٨٨)، وعزاه لعبد بن حميد، وابن جرير.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٤٧٠).
(٥) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٣٤٢) برقم (٧٣٨١)، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢/ ٨٨)، وعزاه لابن جرير.
(٦) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٤٧٠).
(٧) ينظر: المصدر السابق. [.....]


الصفحة التالية
Icon