في قول مَنْ قَالَ: مقامُ إبراهيم هو الحرم.
وقوله: كانَ آمِناً قال الحَسَنُ وغيره: هذه وصْفُ حالٍ كانَتْ في الجاهلية، إذا دخَلَ أحدٌ الحَرَمَ، أَمِنَ، فلا يُعْرَضُ له، فأما في الإسلام، فإن الحرم لا يَمْنَعُ مِنْ حَدٍّ مِنْ حدودِ اللَّه، وقال يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ: معنى الآية: ومَنْ دخل البيتَ، كان آمناً من النَّار، وحكى النقَّاش عن بَعْض العُبَّاد، قال: كُنْتُ أطوفُ حوْلَ الكعبةِ لَيْلاً، فقلْتُ: يا رَبِّ، إنّك قلت: وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً، فمماذا هو آمنٌ؟ فسمعتُ مكلِّماً يكلِّمني، وهو يقولُ: مِنَ النَّارِ، فنظَرْتُ، وتأمَّلت، فما كان في المكان أحد، قال ابنُ العَرَبِيِّ في «أحكامه» «١» : وقول بعضهم: وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمناً من النار- لا يصحُّ حمله على عمومه، ولكنه ثَبَتَ أنَّ مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ «٢»، والحَجُّ المَبْرُور لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إلاَّ الجنّة «٣». قال ذلك كلّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اهـ.
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ٣٨٢)، كتاب «الحج»، باب فضل الحج المبرور، حديث (١٥٢١)، (٤/ ٢٥)، كتاب «المحصر»، باب قوله الله تعالى: فَلا رَفَثَ، حديث (١٨١٩)، وباب قول الله (عز وجل) :
وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ، حديث (١٨٢٠). ومسلم (٢/ ٩٨٣)، كتاب «الحج»، باب في فضل الحج والعمرة، حديث (٤٣٨/ ١٣٥٠). والنسائي (٥/ ١٤)، كتاب «الحج»، باب فضل الحج.
والترمذي (٣/ ١٧٦)، كتاب «الحج»، باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة، حديث (٨١). وابن ماجة (٢/ ٩٦٤- ٩٦٥)، كتاب «المناسك»، باب فضل الحج والعمرة، حديث (٢٨٨٩). وأحمد (٢/ ٢٤٨، ٤١٠، ٤٨٤)، والطيالسي (١/ ٢٠٢- منحة) رقم (٩٧٥). والدارمي (٢/ ٣١)، كتاب «المناسك»، باب في فضل الحج والعمرة، وأبو يعلى (١١/ ٦١) رقم (٦١٩٨). وأبو نعيم في «الحلية» (٨/ ٣١٦). وابن خزيمة (٤/ ١٣١) رقم (٢٥١٤)، وابن حبان رقم (٣٧٠٢- الإحسان). والبيهقي (٥/ ٦٧)، كتاب «الحج»، باب لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١١/ ٢٢٢)، والحميدي (٢/ ٤٤٠) رقم (١٠٠٤)، والبغوي في «شرح السنة» (٤/ ٤- بتحقيقنا). كلهم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.
(٣) أخرجه البخاري (٣/ ٦٩٨) في العمرة: باب العمرة، وجوب العمرة وفضلها (١٧٧٣)، ومسلم (٢/ ٩٨٣) في الحج: باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (٤٣٧- ١٣٤٩)، والنسائي (٥/ ١١٥) في الحج: باب فضل العمرة. والترمذي (٣/ ٢٧٢) في الحج، باب ما ذكر في فضل العمرة (٩٣٣). وابن ماجة (١/ ٩٦٤) في المناسك: باب فضل الحج والعمرة (٢٨٨٨). وأحمد (٢/ ٢٤٦، ٢٦١، ٢٦٢)، والدارمي (٢/ ٣١) في المناسك: باب في فضل الحج والعمرة، من طريق سمي مولى أبي بكر بن عبد الرّحمن، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة مرفوعا: «العمرة إلى العمرة كفارة ما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة».
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.