قتادة أنه قال: أبَى اللَّهُ أَن يقبل إِيمانَ مَنْ آمن ولم يُهَاجرْ، وذلك في صدر الإسلام، وفيهم قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم «أَنَا بَرِيءٌ مِنْ مُسْلِمٍ أَقَامَ بَيْنَ المُشْرِكِينَ لاَ تَتَرَاءَى نَارُهُمَا» »
الحديثَ على اختلاف ألفاظه، وقول قتادة، إِنما هو فيمن كان يُقيمُ متربِّصاً يقول: مَنْ غَلَبَ، كُنْتُ معه وكذلِكَ ذُكِرَ في كتاب «٢» «الطَّبريِّ»، وغيره، والضميرُ في قوله: إِلَّا تَفْعَلُوهُ، قيل:
هو عائدٌ على المُؤازرة والمعاونة، ويحتملُ على الميثاق المذكور، ويحتملُ على النَّصْر للمسلمين المستَنْصِرِينَ، ويحتمل على الموارثَة والتزامها، ويجوز أَن يعود مجملاً على جميعِ ما ذُكِرَ، والفتْنَةُ: المِحْنَة بالحَرْب وما انجر معها من الغارَاتِ، والجلاءِ، والأسر، والفسادُ الكَبيرُ: ظُهُورُ الشِّرْك.
وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا، تضمَّنت الآيةُ تخصيصَ المهاجرين والأنصار، وتشريفَهم بهذا الوَصْف العظيمِ.
ت: وهي مع ذلك عند التأمُّل يلوح منها تأويل قتادَةَ المتقدِّم، فتأمَّله، والرزْقُ الكريمُ: هو طعام الجنَّة كذا ذكر الطبريُّ وغيره «٣».
قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» «٤» : وإِذا كان الإِيمان في القَلْب حقًّا، ظهر ذلك في
وقد أخرجه مرسلا الترمذي (٤/ ١٣٣) كتاب «السير» باب: ما جاء في كراهية المقام بين أظهر المشركين، حديث (١٦٠٥)، والنسائي (٨/ ٣٦) كتاب «القسامة» باب: القود بغير حديدة، والبيهقي (٨/ ١٣٠) كتاب «القسامة»، كلهم من طريق إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم مرسلا.
وقال الترمذي: وهذا أصحّ وأكثر أصحاب إسماعيل، عن قيس بن أبي حازم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث سرية ولم يذكروا فيه عن جرير، ورواه حماد بن سلمة، عن الحجاج بن أرطاة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس عن جرير مثل حديث أبي معاوية. قال: وسمعت محمدا يقول: الصحيح حديث قيس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم اه.
(٢) ينظر: «تفسير الطبري» (٦/ ٢٩٨).
(٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٦/ ٢٩٩).
(٤) ينظر: «أحكام القرآن» لابن العربي (٢/ ٨٨٩).