أحدهما: لا تصديقَ لهم، قال أبو عَليٍّ: وهذا غَيْرُ قويٍّ لأنه تكريرٌ، وذلك أنه وَصَفَ أَئمَّة الكُفْرِ بأنهم لا إِيمان لهم، والوجْه في كَسْر الألفِ أَنَّه مصْدَرٌ من آمَنْتُهُ إِيماناً ومنه قوله تعالى: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [قريش: ٤] فالمعنى: أنهم لاَ يُؤَمَّنُونَ كما يُؤَمَّنُ أَهْلُ الذمَّة الكتابيُّون إِذ المشركون ليس لهم إِلا الإِسلام أو السَّيْفَ، قال أبو حاتمْ: فَسَّر الحَسَنُ قراءته: لا إِسلام لهم.
قال ع «١» : والتكريرُ الذي فَرَّ أبو عَلِيٍّ منه متَّجِهٌ، لأنه بيانُ المهمِّ الذي يوجبُ قتلهم.
وقوله عز وجل: أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ... الآية «ألا» : عَرْضٌ وتحضيضٌ، قال الحسن: والمراد بِإِخْراجِ الرَّسُولِ: إخراجُه من المدينة، وهذا مستقيمٌ كغزوة أُحُدٍ والأحزاب «٢».
وقال السديُّ: المرادُ مِنْ مَكَّة «٣».
وقوله سبحانه: وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، قيل: يراد أفعالهم بمكَّة بالنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم، وبالمؤمنين.
وقال مجاهدٌ: يراد به ما بَدَأَتْ به قريشٌ مِنْ معونة بني بَكْر حلفائِهِمْ، على خزاعة حلفاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكان هذا بَدْءَ النقْض «٤».
وقال الطبريُّ «٥» : يعني فعْلَهم يَوْمَ بدر.
قال الفَخْر «٦» : قال ابن إِسحاق والسُّدِّيُّ والكَلَبِيُّ: نزلَتْ هذه الآية في كفَّار مَكَّة نكثوا أيمانهم بعد عَهْدِ الحديبية، وأعانوا بني بَكْر عَلَى خُزَاعة «٧». انتهى.
وقوله سبحانه: أَتَخْشَوْنَهُمْ: استفهام على معنى التقرير والتوبيخ، فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، أي: كاملي الإيمان.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٤ الى ١٥]
قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٥)

(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٢).
(٢) ذكره ابن عطية (٣/ ١٣).
(٣) ذكره ابن عطية (٣/ ١٣).
(٤) ذكره ابن عطية (٣/ ١٣).
(٥) ينظر: «تفسير الطبري» (٦/ ٣٣١).
(٦) ينظر: «تفسير الرازي» (١٥/ ١٨٧).
(٧) أخرجه الطبري (٦/ ٣٣١) برقم: (١٦٥٥٣)، وذكره ابن عطية (٣/ ١٣) بنحوه. [.....]


الصفحة التالية
Icon