وخِلالَكُمْ معناه: فيما بينكم.
قال ص: خِلالَكُمْ جمع خَلَلٍ، وهو الفُرْجَة بين الشيئين، وانتصب على الظّرف ب لَأَوْضَعُوا، ويَبْغُونَكُمُ: حالٌ، أي: باغين. انتهى. والإِيضاع: سُرْعَةُ السير، ووقَعْتُ لَأَوْضَعُوا بألف بَعْدَ «لا» في المصحف، وكذلك وقعتْ في قوله: أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ [النمل: ٢١] يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ، أي: يطلبون لكم الفتْنَة، وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، قال مجاهد وغيره: معناه: جواسيسُ يسمعون الأخبار، ويَنْقُلُونها إِليهم «١»، وقال الجمهور: معناه: وفيكم مُطِيعُونَ سامعون لهم.
وقوله سبحانه: لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ، في هذه الآية تحقيرٌ لشأنهم، ومعنَى قوله: مِنْ قَبْلُ: ما كان من حالهم في أُحُدٍ وغيرها، ومعنى قوله: وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ: دبَّروها ظهراً لبطْنٍ، وسعوا بكُلِّ حيلةٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي، نزلَتْ في الجَدِّ بْنِ قيس، وأسند الطبريّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم/ قالَ: «اغْزُوا تَبُوكَ، تَغْنَمُوا بَنَاتِ الأصْفَرِ» فقال الجَدُّ: ائذن لَنَا وَلاَ تَفْتِنَّا «٢» بالنِّسَاءِ، وقال ابن عبَّاس: إِن الجَدَّ قال:
ولكنِّي أُعِينُكَ بِمَالِي «٣».
وقوله سبحانه: أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا، أي: في الذي أظهروا الفرار منه.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٥٠ الى ٥٢]
إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ (٥٠) قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢)
وقوله سبحانه: إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ... الآية: الحسنَةُ هنا بحسب الغَزْوَة: هي الغنيمةُ والظفرُ، والمصيبةُ: الهزيمة والخيبةُ، واللفظ عامٌّ بعد ذلك في كلِّ محبوب ومكروه، ومعنى قوله: قَدْ أَخَذْنا أَمْرَنا مِنْ قَبْلُ، أَيْ: قد أخذنا بالحَزْمِ في تخلّفنا
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٤٤٣)، وعزاه إلى ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم في «المعرفة».
(٣) ذكره ابن عطية (٣/ ٤٢).