وأَمَّا العاملون: فهم جُبَاتها يستنيبهم الإِمامُ في السعْي على الناس، وجَمْعِ صَدَقَاتهم، قال الجُمْهور: لَهُمْ قَدْر تعبهم ومؤنتهم، وأما الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ، فكانوا مُسْلِمين وكافرينَ مستَتِرِينَ مُظْهرين للإِسلام حتى وثَّقه الاستئلاف في أكثرهم، واستئلافهم إِنما كان لِتُجْلَبَ إلى الإِسلام مَنْفَعة، أو تُدْفَعَ عنه مَضَرَّة، والصحيحُ بَقَاءُ حكمهم إِن احتيج إِليهم، وأَما الرِّقابِ، فمذْهَبُ مالك وغيره هو ابتداء عِتْق مؤْمِن، وأما الغَارِمُ: فهو الرجُلُ يرْكَبه دَيْن في غير مَعْصِيَة ولا سَفَه، كذا قال العلماء، وأما فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فهو الغازِي، وإِن كانَ مَلِيًّا ببَلَده، وأمَّا ابْنِ السَّبِيلِ، فهو المسافِرُ، وإِن كان غنيًّا ببلده، وسمي المُسَافِرِ ابْنَ السبيلِ لملازمته السبيلِ.
ومَنِ ادعى الفقْر صُدِّق إِلاَّ لريبة فيكلَّف حينئذٍ/ البيِّنة، وأمَّا إِن ادعى أنه غارمٌ أو ابن السبيل أو غازٍ، ونحو ذلك مما لا يُعْلَم إِلا منه، فلا يعطَى إِلا ببينة، وأهلُ بلد الصَّدقة أَحقُّ بها إِلا أن تَفْضُل فضلةٌ، فتنقل إِلى غيرهم.
قال ابنُ حَبِيب: وينبغي للإِمام أن يأمِر السُّعَاة بتَفْريقها في المواضِعِ التي جُبِيَتْ فيها، ولا يحمل منها شيْءٌ إِلى الإِمام، وفي الحديثِ: «تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ» «١».
وقوله سبحانه: فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ: أي: موجبةً محدودةً.
[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦١ الى ٦٢]
وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦١) يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ (٦٢)