شَرْعُ القبلة والتزامها.
وقيل: أراد الأمر بإحضار النية لله في كُلِّ صَلاَةٍ، والقصد نحوه، كما تقول: وَجَّهْتُ وَجْهِي لله قاله الربيع «١».
وقيل: المراد إبَاحَةُ الصلاة في كُلِّ موضع من الأرض، أي: حيث ما كنتم فهو مَسْجِدٌ لكم تلزمكم عند الصَّلاَةِ إقامة وجوهكم فيه لله عز وجل. وقوله سبحانه: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قال ابن عَبِّاسٍ، وقتادة، ومجاهد: المعنى: كما أوجدكم، واخترعكم، كذلك يعيدكم بعد الموتِ «٢» والوقف على هذا التأويل تعودون و «فريقاً» نصب ب «هدى» والثاني منصوب بِفِعْلٍ تقديره: وعذب فريقاً.
وقال جابر بن عبد اللَّه/ وغيره: وروي معناه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أن المُرَادَ الإعلام بأن مَنْ سَبَقَتْ له من اللَّه الحُسْنَى، وكتب سعيداً كان في الآخِرَةِ سَعِيداً، ومن كتب عليه أنه من أَهْلِ الشَّقَاءِ، كان في الآخرة شَقِيًّا، ولا يتبدَّل من الأمور التي أحكمها وَدَبَّرَهَا، وأنفذها شيء، فالوقف في هذا التأويل في قوله: تَعُودُونَ غير حسن وفَرِيقاً على هذا التأويل نصب على الحال، والثاني عطف على الأول.
وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ معناه: يظنُّونَ.
قال الطبري «٣» : وهذه الآية دَلِيلٌ على خَطَإ من زَعَمَ أن اللَّه لا يعذب أحداً على معصية ركبها، أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها على علم منه بموضع الصواب.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٣١]
يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١)
وقوله سبحانه: يا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الآية: هذا خطاب عَامٌ لجميع العالم كما تقدم، وأمروا بهذه الأَشْيَاءِ بسبب عصيان حاضري ذلك الوقت من مُشْرِكِي العَرَبِ فيها، والزينة الثياب الساترة. قاله مجاهد وغيره «٤». وعِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٩٦٧) برقم: (١٤٥٠٢)، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٩٢)، والبغوي (٢/ ١٥٦).
(٣) ينظر: «تفسير الطبري» (٥/ ٤٦٩).
(٤) أخرجه الطبري (٥/ ٤٧٠) برقم: (١٤٥٢٠- ١٤٥٢١) بنحوه، وذكره ابن عطية (٢/ ٣٩٢)، والبغوي (٢/ ١٥٧)، وابن كثير (٢/ ٢١٠)، والسيوطي (٣/ ١٤٥) بنحوه.