وقوله عز وجل: فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ... الآية: الصوابُ في معنى الآية: أنها مخاطبة للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والمراد بها سِوَاهُ مِنْ كُلِّ من يمكِنُ أن يشُكَّ أو يعارِض.
ت: ورُوينَا عن أبي داود سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، قال: حدَّثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، قال: حدَّثنا يزيدُ بن هَارُونَ، قال: حدَّثنا محمَّد بنِ عَمْرٍو، عن أَبي سَلَمَةَ، عن أبي هُرَيْرَةَ رضي اللَّه عنه، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال: «المِرَاءُ في القُرْآنِ كُفْرٌ» «١»، قال عِيَاض في «الشفا» :
تأول بمعنى «الشك»، وبمعنى «الجِدَال». انتهى.
والَّذِينَ يَقْرَؤُنَ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكَ: من أسلم من أهْلِ الكتاب، كابن سَلاَمٍ وغيره، وروي عن النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أنه قال لَمَّا نزَلَتْ هذه الآية: «أَنَا لاَ أَشُكُّ وَلاَ أَسْأَلُ» «٢»، ثم جزم سبحانه الخَبَر بقوله: لَقَدْ جاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ، واللام في «لَقَدْ» لامُ قَسَم.
وقوله: مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ يريد به: من أَن بني إِسرائيل لم يختلفوا في أمْره إِلا مِنْ بعد مجيئهِ عَلَيْه السلام هذا قول أهل التأويل قاطبة.
قال ع «٣» : وهذا هو الذي يشبه أنْ تُرْجَى إِزالةُ الشَّكِّ فيه مِنْ قبل أهل الكتاب،

(١) أخرجه أبو داود (٢/ ٦١٠) كتاب «السنة» باب: النهي عن الجدال في القرآن، حديث (٤٦٠٣)، وأحمد (٢/ ٢٨٦، ٤٢٤، ٤٧٥، ٥٠٣، ٥٢٨)، وابن حبان (٥٩- موارد)، والحاكم (٢/ ٢٢٣)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨/ ٢١٣)، وفي «أخبار أصبهان» (٢/ ١٢٣) كلهم من طريق محمَّد بنِ عَمْرٍو، عن أَبي سَلَمَةَ، عن أبي هريرة به، وأخرجه أحمد (٢/ ٢٥٨)، وابن أبي شيبة (١٠/ ٥٢٩)، وأبو يعلى (١٠/ ٣٠٣) رقم: (٥٨٩٧)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (٤/ ٨١)، من طريق سعد بن إبراهيم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة به. وأخرجه أحمد (٢/ ٤٧٨، ٤٩٤)، والحاكم (٢/ ٢٢٣) كلاهما من طريق سعد بن إبراهيم، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة.
وأخرجه الطبراني في «الصغير» (١/ ٥٧٤) من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة به.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (٢/ ٧٤) رقم: (١٧١٤)، عن أبيه: هذا حديث مضطرب، ليس هو صحيح الإسناد اه.
وفي الباب عن عمرو بن العاص: أخرجه أحمد (٤/ ٢٠٤- ٢٠٥)، وعن عبد الله بن عمرو: أخرجه الطيالسي (٢/ ٦- منحة) رقم: (١٩٠٢).
وعن زيد بن ثابت: أخرجه الطبراني في «الكبير» (٥/ ١٥٢) رقم: (٤٩١٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٦/ ٦١٠) برقم: (١٧٩٠٧) عن قتادة مرسلا. وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ٥٧١)، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ١٤٣). [.....]


الصفحة التالية
Icon