[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٣٤ الى ٣٦]

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٣٦)
وقوله سبحانه: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ المعنى: ولكل أمة أجل مُؤَقَّت لمجيء العَذَابِ إذا كفروا، وخالفوا أَمْرَ ربهم، فأنتم أيتها الأمة كذلك. قاله الطبري «١» وغيره.
وقوله: ساعَةً لفظ عين به الجزء القليل من الزمان، والمراد جميع أجزائه، والمعنى: لا يستأخرون سَاعَة، ولا أقل منها، ولا أكثر.
وقوله عز وجل: يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ/ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ الخِطَابُ في هذه الآية لجميع العالم، و «إن» هي الشرطية دخلت عليها «ما» مؤكدة، وكان هذا الخطاب لجميع الأُمم قَدِيمِها وحَدِيثِهَا هو متمكن لهم، ومتحصِّل منه لحاضري نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم أن هذا حُكْمُ اللَّه في العالم منذ أنشأه، ويَأْتِيَنَّكُمْ مستقبل وُضِعَ موضع ماضٍ ليفهم أن الإتيان بَاقٍ وَقْتَ الخطاب، لِتَقْوَى الإشارة بصحّة النبوءة إلى نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم وهذا على مُرَاعَاةِ وَقْتِ نزول الآية.
وأسند الطَّبَري إلى أبي سَيَّارٍ السُّلمي قال: «إن الله سبحانه خاطب آدم وذريته، فقال:
يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ... الآية: قال: ثم نظر سبحانه إلى الرّسل، فقال:
يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ... [المؤمنون: ٥١، ٥٢] »
الحديث «٢».
قال ع «٣» : ولا مَحَالَةَ أن هذه المُخَاطَبَة في الأزل.
وقيل: المراد بالرسل نبينا محمد صلّى الله عليه وسلّم ذَكَرَهُ النقاش ويَقُصُّونَ أي: يسردون، ويوردون، «والآيات» لَفْظٌ جامع لآيات الكُتُب المنزلة، وللعلامات التي تقترن بالأنبياء، ونفي الخوف والحزن يعم جَمِيعَ أنواع مكاره النفس وأنكادها.
(١) ينظر: «تفسير الطبري» (٥/ ٤٧٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٤٧٧) برقم: (١٤٥٦٠) من حديث أبي سيار السلمي، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٥٣) وعزاه لابن جرير.
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٣٩٦).


الصفحة التالية
Icon