قالُوا سَلاماً: أي: سلَّمنا عليك سلاماً، وقرأ حمزة «١» والكسائي: «قَالُوا سَلاَماً قالَ سِلْمٌ»، فيحتمل أنْ يريد ب «السِّلْمِ» السلامَ، ويحتمل أن يريد ب «السّلم» ضدّ الحرب، وحَنِيذٍ: بمعنى: محنوذ، ومعناه: بعجْلٍ مشويٍّ نَضِجٍ، يقْطُر ماؤه، وهذا القَطْر يفصلُ الحَنيذَ من جملة المشويَّات، وهيئة المحنُوذِ في اللغة: / الذي يُغَطَّى بحجارةٍ أو رَمْلٍ مُحَمًّى أو حائل بينه وبيْن النَّار يغطى به، والمُعَرَّض: من الشِّواء الذي يُصَفَّف على الجَمْر، والمُضَهَّبِ: الشِّوَاءُ الذي بينه وبين النَّار حائلٌ، ويكون الشِّواء عليه، لا مَدْفُوناً به، والتَّحُنِيذُ في تضمير الخَيْل: هو أنْ يغطَّى الفَرَس بِجِلٍّ على جُلٍّ ليتصبّب عرقه، ونَكِرَهُمْ على ما ذكر كثيرٌ من النَّاس، معناه: أَنْكَرهم وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً من أجْل امتناعهم من الأكل إِذ عُرْفُ مَنْ جاء بِشَرٍّ أَلاَّ يأْكل طعامَ المنْزُولِ به، قال ابنُ العربيِّ في «أحكامه» «٢» :
ذهب الليثُ بْنُ سَعْدٍ إلى أنّ الضّيافة واجبة، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، ومَا وَرَاءَ ذَلِكَ صَدَقَةٌ» «٣»، وفي رواية: «ثَلاَثَةُ أَيَّامٍ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يثوي «٤» عنْدَهُ حتَّى يُحْرِجَهُ» «٥» وهذا حديثٌ صحيحٌ، خرَّجه الأئمةِ، واللفظ للترمذيِّ، وذهب علماء الفقْه إِلى: أن الضيافة لا تجبُ، وحملوا الحديثَ على النَّدْب.
قال ابنُ العربيِّ: والذي أقولُ به أن الضيافَةَ فَرْضٌ على الكفَايَةِ، ومِنَ الناسِ مَنْ قال:
إِنها واجبةٌ في القُرَى حيثُ لا مَأْوَى ولا طَعَام بخلاف الحواضر لتيسّر ذلك فيها.
(٢) ينظر: «أحكام القرآن» (٣/ ١٠٦١).
(٣) ينظر: الحديث الآتي. [.....]
(٤) الثّواء: طول المقام. ينظر: «لسان العرب» (٥٢٤).
(٥) أخرجه البخاري (١٠/ ٤٦٠) كتاب «الأدب» باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (٦٠١٩)، وباب: إكرام الضيف وخدمته إياه بنفسه (٦١٣٥)، و (١١/ ٣١٤) الرقاق باب: حفظ اللسان (٦٤٧٦)، ومسلم (٣/ ١٣٥٣) في اللقطة، باب: الضيافة ونحوها (١٤، ١٦/ ٤٨)، وأبو داود (٢/ ٣٦٩) كتاب «الأطعمة» باب: ما جاء في الضيافة (٣٧٤٨)، والترمذي في «البر والصلة» باب: ما جاء في الضيافة، وغاية الضيافة كم هو؟ (١٩٦٧)، وابن ماجه (٢/ ١٢١٢) في «الأدب» باب: حق الضيف (٣٦٧٥)، وأحمد (٤/ ٣١) (٦/ ٣٨٥)، ومالك (٢/ ٩٢٩) في كتاب «صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم» باب: جامع ما جاء في الطعام، والشراب (٢٢)، والبيهقي (٩/ ١٩٧)، والدارمي (٢/ ٩٨)، والحميدي (٢/ ٢٦٢) برقم: (٥٧٦)، والبغوي في شرح السنة (٦/ ١٠٤) برقم: (٢٨٩٦) من طريق سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي به مرفوعا.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.