قوله سبحانه: وَقالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْراهُمْ فَما كانَ لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ أي: قد اسْتَوَتْ حالنا وحالكم فَذُوقُوا الْعَذابَ باجْتَرَامِكُمْ، وهو من كلام الأمة المتقدمة للمتأخّرة.
وقيل: قوله: فَذُوقُوا هو من كلام الله عز وجل لجميعهم.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٠ الى ٤٢]
إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ (٤٠) لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٤١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٤٢)
وقوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الآية، هذه الآية عامة في جميع الكَفَرَةِ قديمهم وحديثهم.
قرأ نافع «١» وغيره: «تُفَتَّح» بتشديد التاء الثانية، وقرأ أبو عمرو: «تُفْتَح» بالتاء أيضاً وسكون الفاء، وتخفيف الثانية، وقرأ حمزة «يفتح» بالياء من أسفل، وتخفيف التاء، ومعنى الآية: لا يرتفع لهم عَمَلٌ، ولا روح، ولا دعاء، فهي عامة في نفي ما يوجب للمؤمنين.
قاله ابن عباس، وغيره.
ثم نفى سبحانه عنهم دُخُولَ الجنة، وعلق كونه بِكَوْنٍ محال، وهو أن يدخل الجمل في ثُقْبِ الإبرة حيث يدخل الخَيْطُ، والجمل كما عهد، والسَّمّ كما عهد، وقرأ جمهور «٢» المسلمين «الجمل» واحد الجمال، وقرأ ابن عباس وغيره «٣» «الجُمّل» بضم الجيم وتشديد الميم، وهو حَبْلُ السفينة «٤» والسّمّ: الثقب من الإبرة وغيرها، وكَذلِكَ أي: وعلى هذه

(١) والتشديد أي: مرة بعد مرة. وحجة هؤلاء قوله تعالى: مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ [ص: ٥٠].
ينظر: «السبعة» (٢٨٠)، و «الحجة» (٤/ ١٨)، و «حجة القراءات» (٢٨٢)، و «إعراب القراءات» (١/ ١٨٠)، و «العنوان» (٩٥)، و «شرح الطيبة» (٤/ ٢٩٤)، و «شرح شعلة» (٣٨٨)، و «إتحاف فضلاء البشر» (٢/ ٤٨)، و «معاني القراءات» (١/ ٤٠٥).
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٠٠)، و «البحر المحيط» (٤/ ٣٠٠)، و «الدر المصون» (٣/ ٢٦٩).
(٣) وقرأ بها سعيد بن جبير، ومجاهد، والشعبي، وأبي العلاء بن الشّخير، ورويت عن أبي رجاء.
ينظر: «الشواذ» (٤٨)، و «المحتسب» (١/ ٢٤٩)، و «الكشاف» (٢/ ١٠٣)، و «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٠٠)، وزاد نسبتها إلى عكرمة، وينظر: «البحر المحيط» (٤/ ٣٠٠)، وزاد في نسبتها إلى ابن يعمر، وأبي مجلز، وأبي رزين، وابن محيصن، وأبان عن عاصم، وينظر: «الدر المصون» (٣/ ٢٧٠). [.....]
(٤) أخرجه الطبري (٥/ ٤٨٧)، وابن كثير (٢/ ٢١٤)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٥٧).


الصفحة التالية
Icon