ومنه قولُ مالكِ بْنِ الرَّبيعِ: [الطويل]

يَقُولُونَ لاَ تَبْعَدْ وَهُمْ يَدْفِنُوننِي وَأَيْنَ مَكَانُ الْبُعْدِ إِلاَّ مَكَانِيَا «١»
وأما من قرأ: «بَعُدَتْ»، وهو السُّلَمِيُّ وأبو حَيْوَةَ «٢» فهو من البُعْدِ الذي هو ضدُّ القُرْب، ولا يُدْعَى به إِلا على مبغوضٍ.
قال ص: وقال ابْنُ الأنباريِّ: من العرب مَنْ يُسَوِّي بين الهلاكِ والبُعْدِ الَّذي هو ضِدُّ القُرْب، فيقولون فيهما: بَعُدَ يَبْعُدُ، وبَعِدَ يَبْعَدُ. انتهى.
وقوله سبحانه: فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ: أي: وخالفوا أمْرَ موسَى، وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ، أي: بمرشِدٍ إِلى خير.
وقال ع «٣» : بِرَشِيدٍ: أي: بمصيب في مَذْهَبِهِ يَقْدُمُ قَوْمَهُ: أي: يقدمهم إلى النار، والْوِرْدُ، في هذه الآية: هو ورودُ دُخُولٍ.
قال ص: والْوِرْدُ: فاعل «بئس»، والْمَوْرُودُ: المخصُوصُ بالذَّمِّ، وفي الأول حذْف، أيْ: مَكانُ الورْد، ليطابق المخصُوصَ بالذَّمِّ.
وجوَّز ع «٤» : وأبو البقاءِ أنْ يكونُ «المَوْرُود» صفةً لمكان الوِرْدِ، والمخصوص محذوفٌ، أي: بِئسٍ مكانُ الوِرْدِ المورودُ النارُ، و «الوِرْد» : يجوز أنْ يكون مصْدراً بمعنى الوُرُود، أو بمعنى الوَارِدَة من الإِبل، وقيل: الوِرْد: بمعنى الجَمْعِ للوَارِدِ، والمَوْرُود: صفةٌ لهم، والمخصُوصُ بالذمِّ ضميرٌ محذوف، أي: بئس القوم المَوْرُود بهم هُمْ، انتهى.
وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً: يريد: دارَ الدنيا.
وقوله: بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ أي: بِئسَ العطاءُ المعطَى لهم، وهو العذاب، والرّفد
و «لسان العرب» (٥/ ٢١٤) (نضر)، و «المحتسب» (٢/ ١٩٨)، و «المقاصد النحويّة» (٣/ ٦٠٢)، (٤/ ٧٢)، وبلا نسبة في «رصف المباني» ص: (٤١٦)، و «شرح الأشموني» (٢/ ٣٩٩).
(١) البيت من الطويل، وهو لمالك بن الريب في «ديوانه» ص: (٤٦)، و «خزانة الأدب» (٢/ ٣٣٨)، (٥/ ٤٦)، و «شرح شواهد المغني» (٢/ ٦٣٠)، و «لسان العرب» (٣/ ٩١) (بعد)، وبلا نسبة في «مغني اللبيب» (١/ ٢٤٧).
(٢) ينظر: «مصادر القراءة السابقة»، و «الشواذ» ص: (٦٥)، و «المحتسب» (١/ ٣٢٧)، و «الكشاف» (٢/ ٤٢٥).
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٠٤).
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٣/ ٢٠٥).


الصفحة التالية
Icon