وقوله سبحانه: وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ.
وَبَيْنَهُما: أي: بين الجنة والنار، ويحتمل بين الجَمْعَيْنِ، والحِجَابُ هو السور الذي ذكره الله عز وجل في قوله: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ [الحديد: ١٣].
قال ابن عباس، وقال مجاهد: الأعراف حجاب بين الجنة والنار «١».
وقال ابن عباس أيضاً: هو تَلٌّ بين الجنة والنار».
وذكر الزّهراويّ حديثا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أُحُداً جَبَلٌ يحبنا ونحبُّه، وإِنَّه يَوْمَ القِيَامَةِ يمثلُ بينَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، يَحْتَبِسُ عَلَيْهِ أَقْوَامٌ، يعرفون كُلاًّ بِسِيماهُمْ، هُمْ إِن شَاءَ اللَّه من أَهْلِ الجَنَّةِ» «٣».
والأعراف جمع عرف، وهو المرتفع من الأرض، ومنه عُرْفُ الفرس، وعرف الديك لعلوِّهُمَا.
وقال بعض الناس: سُمِّيَ الأعراف أَعرافاً لأن أصحابه يعرفون الناس.
قال ع «٤» : وهذه عُجْمَةٌ، وإنما المراد على أعراف ذلك الحِجَاب، أي أعاليه.
وقوله: رِجالٌ قال الجمهور: إنهم رِجَالٌ من البَشَرِ، ثم اختلفوا في تعيينهم، فقال شرحبيل بن سَعْدٍ: هم المستشهدون في سَبِيلِ اللَّه الذين خَرَجُوا عُصَاةً لآبائِهِم «٥».
وذكر الطَّبَرِيُّ في ذلك/ حَدِيثاً عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأنه تعادل عُقُوقُهم، واستشهادهم «٦».
وقال ابن عباس، وغيره: هم قوم اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وسيئاتهم «٧»، ووقع في «مسند

(١) أخرجه الطبري (٥/ ٤٩٨) برقم: (١٤٦٨٧)، (١٤٦٨٨) وبرقم: (١٤٦٨٦)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، وذكره السيوطي (٣/ ١٦٠)، (٣/ ١٦١).
(٢) أخرجه الطبري (٥/ ٤٩٨) برقم: (١٤٦٨٥)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، والسيوطي (٣/ ١٦١).
(٣) الحديث بهذا اللفظ لم أجده أما قوله صلّى الله عليه وسلّم: «أحد جبل يحبنا ونحبه»
فثابت من قول النبي صلّى الله عليه وسلّم.
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٢/ ٤٠٤).
(٥) أخرجه الطبري (٥/ ٥٠١) برقم: (١٤٧١١)، وابن عطية (٢/ ٤٠٤)، والبغوي (٢/ ١٦٢) بنحوه.
(٦) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٥/ ٥٠١) برقم: (١٤٧١٣) والحديث ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٣/ ١٦٣)، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وأحمد بن منيع، والحارث بن أبي أسامة، وابن أبي حاتم، وابن الأنباري في كتاب «الأضداد»، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق»، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في «البعث».
(٧) أخرجه الطبري (٥/ ٥٠٠) برقم: (١٤٧٠٠- ١٤٧٠٥- ١٤٧٠٦)، وذكره ابن عطية (٢/ ٤٠٤)، والبغوي (٢/ ١٦٢)، وابن كثير (٢/ ٢١٦)، والسيوطي (٣/ ١٦٣).


الصفحة التالية
Icon