والباء في قوله: بِجِذْعِ: زائدة مؤكّدة، وجَنِيًّا: معناه: قد طابت/ وصلحت ٣ أللاجتناء، وهو من جَنَيْتُ الثمرةَ.
وقال عَمْرُو بْنُ مَيْمُون «١» : ليس شيءٌ للنُّفَسَاءِ خيراً من التَّمر، والرُّطَب.
وقرةُ العَيْن مأْخُوذةَ من القُرِّ وذلك، أَنَّهُ يحكى: أَن دمعَ الفرح باردُ المسِّ، ودمعَ الحُزْن سخن المس «٢»، وقِيلَ: غير هذا.
قال ص: وَقَرِّي عَيْناً أَيْ: طِيبي نفساً. أَبو البَقَاءِ: «عيناً» تمييز. اهـ.
وقوله سبحانه: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً... الآية، المعنى: أن الله عز وجل أمرها على لسان جِبْرِيلَ عليه السلام أو ابنها على الخلاف المتقدم: بأن تُمْسك عن مخاطبة البشر، وتحيل على ابنها في ذلك ليرتفع عنها خجلها، وتبين الآية فيقوم عذرها.
وظاهر الآية: أَنها أُبِيح لها أن تقولَ مضمن هذه الألفاظ الّتي في الآية وهو قول الجمهور.
وقالت فرقة: معنى فَقُولِي بالإشارة، لا بالكلام.
قال ص: وقولُه: فَقُولِي جوابُ الشرط، وبينهما جملةٌ محذوفةٌ يدل عليها المعنى أيْ فَإمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحداً، وسألك أو حاورك الكلام، فقولي. انتهى.
وصَوْماً معناه عن الكلام إذ أَصلُ الصوم الإمساكُ.
وقرأَتْ فرقةٌ: «إني نَذَرْتُ للرحمن صَمْتاً» ولا يجوز في شَرْعِنا نذرُ الصمتِ فروي:
أَن مريم عليها السلام لمَّا اطمأنَّت بما رأت مِنَ الآياتِ، وعلمت أَن الله تعالى سيبيِّنُ عذرَها، أَتَتْ به تحمله مدلة من المكان القَصِيّ الذي كانت مُنْتبذةً به، والفَرِيُّ: العظيمُ الشَّنِيعُ قاله مجاهد «٣»، والسُّدِّيُّ، وأكثرُ استعماله في السوء.
(٢) في ج: الملمس.
(٣) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٣٥) عن مجاهد برقم (٢٣٦٨٢)، وعن السدي برقم (٢٣٦٨٥)، وذكره ابن عطية (٤/ ١٣)، والبغوي (٢/ ١٩٣)، وابن كثير (٣/ ١١٨)، والسيوطي (٤/ ٤٨٦)، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد. [.....]