قال ع «١» : وهذه من أبي علي نزعةٌ اعتزالية [فتأملها] «٢»، والضمير في لَنَحْشُرَنَّهُمْ عائدٌ على الكفَّارِ القائلين ما تقدم، ثم أَخبر تعالى: أنه يقرن بهم الشياطين المغوين لهم، وجِثِيًّا جمعُ جَاثٍ، فأخبر سبحانه: أَنه يحضر هؤلاءِ المنكرين البعث مع ٥ ب الشياطين [المغوِينَ] «٣»، فيجثُون/ حول جهنَّم وهو «٤» قعودُ الخائف الذَّلِيل على رُكْبتيْهِ كالأَسِير، ونحوهِ.
قال ابنُ زيدٍ «٥» : الجَثْيُ: شَرُّ الجلُوسَ، و «الشيعة» : الفِرْقَةُ المرتبطة بمذهبٍ وَاحدٍ، المتعاونةِ فيه، فأخبر سبحانه أَنه ينزع مِنْ كُلِّ شيعةٍ أَعْتاها وأَولاَها بالعذاب، فتكون مقدمتها إلى النَّار.
قال أَبو الأحوص: المعنى: نبدأ بالأكابر «٦» جرما «٧»، وأيّ: هنا بُنِيَتْ لمَّا حُذِف الضميرُ العَائِدُ عليها مِنْ صَدْر صِلَتها، وكان التقدِيْرُ: أَيَّهم هو أشَدُّ، وصِلِيًّا: مصدر صلي يصلى إذا باشره.
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧١ الى ٧٤]
وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وارِدُها كانَ عَلى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا (٧٢) وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً (٧٤)
وقوله عزَّ وجل: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها قسم، والواو تقتضيه، ويفسّره قوله صلى الله عليه وسلّم: «مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلاَثَةُ أَوْلاَدٍ، لَمْ تَمَسَّهُ النّار إلّا تحلّة القسم» «٨». وقرأ ابن
(٢) سقط في ج.
(٣) سقط في ب، ج.
(٤) في ج: ويعني.
(٥) أخرجه الطبريّ (٨/ ٣٧٠) رقم (٢٣٨٧٢)، وذكره ابن عطية (٤/ ٢٦).
(٦) في ح: بالأكابر فالأكابر.
(٧) أخرجه الطبريّ (٧/ ٣٦٣) برقم (٢٣٨٢٧)، وذكره ابن عطية (٤/ ٢٦)، وابن كثير (٣/ ١٣١)، والسيوطي (٤/ ٥٠٤) وعزاه لهناد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص.
(٨) أخرجه البخاري (٣/ ١٤٢) كتاب الجنائز: باب فضل من مات له ولد فاحتسبه، حديث (١٢٥١)، ومسلم (٤/ ٢٠٢٨) كتاب البر والصلة: باب فضل من يموت له ولد فيحتسبه، حديث (١٥٠/ ٢٦٣٢)، والترمذي (٣/ ٣٦٥) كتاب الجنائز: باب ما جاء في ثواب من قدم ولدا، حديث (١٠٦٠)، والنسائي (٤/ ٢٥) كتاب الجنائز: باب من يتوفى له ثلاثة، حديث (١٨٧٥)، وابن ماجه (١/ ٥١٢) كتاب الجنائز: