قال البخاري «١» : ورءياً: منظراً.
وقرأ نافعٌ أيضاً، وأَهل المدينة: «وَرِيّاً» بياء مشددة، فقيل: هي بمعنى القِرَاءةِ الأُولى، وقيل: هي بمعنى الرِّيِّ في السُّقْيَا إذْ أَكْثر النعمة مِنَ الريِّ والمطر.
وقرأ ابنُ جُبَيْر، وابنُ عباسٍ، ويزيدُ البريري: «وزيّا» بالزاي المعجمة بمعنى:
الملبس. [وأما] «٢» :
[سورة مريم (١٩) : الآيات ٧٥ الى ٧٦]
قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً (٧٥) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْباقِياتُ الصَّالِحاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَواباً وَخَيْرٌ مَرَدًّا (٧٦)
قوله سبحانه: قُلْ مَنْ كانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا، فيحتمل أَنْ يكون بمعنى الدُّعَاءِ والاِبْتِهَال كأَنه يقولُ: الأَضَلّ مِنّا ومنكم مد الله له، أَيْ: أملى له حَتَّى يؤول ذلك إلَى عذابِه، ويحتمل أَنْ يكون بمعنى الخبر أنه سبحانه هذه عَادَتُه: الإمْلاَءُ للضَّالِينْ: حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ، أَيْ: في الدنيا بنصر الله لِلْمُؤْمِنينَ عليهم، وَإِمَّا السَّاعَةَ فيصيرون إلى النارِ، والجند النّاصرون: القائمون بأمر الحرب، وشَرٌّ مَكاناً بإزاء قولهم خَيْرٌ مَقاماً وأَضْعَفُ جُنْداً بإزاء قولهم: أَحْسَنُ نَدِيًّا ولما ذكر سبحانه ضَلاَلَةَ الكَفَرةِ وافتخارَهُم بنِعَم الدنيا عَقَّبَ «٣» ذلك بذكر نِعْمة الله على المؤْمِنينَ في أَنه يزيدهم هُدَىً في الارْتِبَاط بالأَعمالِ الصَّالحة، والمعرفة بالدَّلائل الوَاضِحَة، وقد تقدَّم تَفْسِيرُ البَاقِيَاتِ الصالحات عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «وأنها: سُبْحَانَ اللهِ، والحمُدْ لِلَّهِ، وَلاَ إله إلا الله، والله أكبر» وقد قال صلى الله عليه وسلّم لأَبِي الدَّرْدَاءِ: «خُذْهُنَّ يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ، وَبَيْنَهُنَّ فَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وهنّ من كنوز الجنّة «٤» »، وعنه صلى الله عليه وسلّم أَنه قَالَ:
«خُذُوا جُنَّتِكُم، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: مِنَ النَّارِ، قَالُوا: مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وهنّ الباقيات الصّالحات» «٥».

(١) ينظر: «صحيح البخاري» (٨/ ٢٨٠) كتاب التفسير: باب كهيعص.
(٢) سقط في ج.
(٣) في ب، ج: عقّب الله.
(٤) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٦/ ٩١)، وذكره الهندي في «كنز العمال» (٤٣٦٦٤)، وعزاه للطبراني عن أبي الدرداء.
(٥) أخرجه الحاكم (١/ ٥٤١)، والطبراني في «الصغير» (١/ ١٤٥)، والعقيلي في «الضعفاء» (٣/ ١٧-


الصفحة التالية
Icon