أَيَقْتُلُنِي وَالمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ «١»
فإنَّما شَبَّه بما استقر في النفوس من هيئتها، والشَّوْبُ: المِزَاجُ والخَلْطُ قاله ابن عباس وقتادة «٢»، والحميم: السُّخْنُ جِدًّا مِن الماء ونحوِهِ، فيريد به هاهنا شَرَابَهُمْ الذي هو طِينةُ الخَبَالِ صَدِيدُهُمْ وَمَا يَنْماعُ مِنْهُمْ هذا قولُ جماعةٍ من المفسرين.
وقوله تعالى: ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ كقوله تعالى: يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ [الرحمن: ٤٤] وقوله سبحانه: إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ... الآية، تمثيل لقريش ويُهْرَعُونَ معناه: يُسْرِعُونَ قاله قتادة وغيره «٣»، وهذا تَكَسُّبُهُمْ للكفر وحرصهم عليه.
[سورة الصافات (٣٧) : الآيات ٧٣ الى ٧٦]
فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦)
وقوله تعالى: فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ يَقْتَضِي الإخبارَ بأنه عذَّبَهُمْ ولذلك حَسُنَ الاستثناءُ في قوله: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ ونِداءُ نُوحٍ تَضَمَّنَ أشْياءَ كطَلبِ النصرة والدعاءِ على قومِه وغيرِ ذلك، قال أبو حيان «٤» : وقوله: فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ جَوابُ قَسَمٍ كقوله: [من الطويل]
يمينا لنعم السّيّدان وجدتما «٥»..................................
(١) من قصيدة أولها:
ألا عم صباحا أيها الطّلل البالي وهل يعمن من كان في العصر الخالي
ينظر: «ديوانه» (٣٣)، «معاهد التنصيص» (٢/ ٧)، «الكامل» (٣/ ٩٦)، «البحر المحيط» (٧/ ٣٦٣)، و «الدر المصون» (٥/ ٥٠٦).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٤٩٥) برقم: (٢٩٤٠٢) عن ابن عبّاس، وبرقم: (٢٩٤٠٤) عن قتادة، و (٢٩٤٠٥) عن السدي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٧٦) عنهما، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ١١) عن ابن عبّاس، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٢٢)، وعزاه لابن المنذر عن ابن عبّاس.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٤٩٦) برقم: (٢٩٤١٣) عن قتادة، وبرقم: (٢٩٤١٤) عن السدي، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٧٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٢٣)، وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة.
(٤) ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٣٤٩).
(٥) صدر بيت لزهير بن أبي سلمى وعجزه:
................ على كلّ حال من سجيل ومبرم
البيت في «ديوانه» ص: (١٤)، و «الأشباه والنظائر» (٨/ ٢١٠)، و «جمهرة اللغة» ص: (٥٣٤)، و «خزانة الأدب» (٣/ ٦)، (٩/ ٣٨٧)، و «الدرر» (٤/ ٢٢٧)، و «شرح عمدة الحافظ» ص: (٧٩٢)، و «همع الهوامع» (٢/ ٤٢)، وبلا نسبة في «خزانة الأدب» (٩/ ٣٩٠).


الصفحة التالية
Icon