وكما تقول: سَقَطَ لِشِقِّهِ الأيْسَرِ، والجَبِينانِ: ما اكتنف الجبهة من هاهنا، ومن هاهنا، و «أن» من قوله: أَنْ يا إِبْراهِيمُ مفسّرة لا موضع لها من الإعراب، وصَدَّقْتَ الرُّؤْيا يحتملُ أنْ يريدَ بقَلْبِكَ أو بِعَمَلِكَ، و «الرؤيا» اسمٌ لِمَا يرى مِن قِبَلِ اللَّهِ- تعالى-، والمَنَامُ والحُلْمُ: اسمٌ لما يرى منْ قِبَلِ الشَّيْطَانِ ومنه الحديث الصحيح: «الرُّؤْيَا من الله، والحلم من الشيطان»، والْبَلاءُ: الاخْتِبَارُ، والذَّبْحُ العظيمُ» في قول الجمهور: كَبْشٌ أبْيَضُ أعْيَنُ، وَجَدَهُ وَرَاءَهُ مَرْبُوطاً بسَمُرَةٍ، وأَهْلُ السُّنَّةِ على أَنَّ هذه الْقِصَّةَ نُسِخَ فيها العَزْمُ على الْفِعْلِ خلافاً للمعتزلة، قال أحمد بن نصر الداوديّ: وإنْ نَسَخَ اللَّهُ آيةً قَبْلَ العَمَلِ بِهَا فإنَّما يَنْسَخُها بَعْدَ اعْتِقَادِ قَبُولِها وهُوَ عَمَلٌ انتهى من تفسيره عند قوله تعالى: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ [البقرة: ١٠٦]، قال ع «١» : ولا خلافَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ أَمَرَّ الشَّفْرَةَ على حَلْقِ ابنه فَلَمْ تَقْطَعْ، والجمهورُ أَنَّ أمْرَ الذَّبْحِ كانَ بِمِنًى، وقال الشَّعْبِيُّ: رَأَيْتُ قَرْنَيْ كَبْشِ إبْرَاهِيمَ مُعَلَّقَتَيْنِ في الكَعْبَةِ «٢»، وروى عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ: أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «يَا فَاطِمَةُ، قُومِي لاٌّضْحِيَتِكِ، فاشهديها فَإِنَّهُ يُغْفَرُ لَكِ عِنْدَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ دَمِهَا كُلُّ ذَنْبٍ عَمِلْتِيهِ، وَقُولِي: إنَّ صَلاَتِي ونُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، لاَ شَرِيكَ لَه وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ» قال عِمْرَانُ: قلت: يا رسُولَ اللَّهِ، هَذَا لَكَ وَلأَهْلِ بَيْتِكَ خَاصَّةً، أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً؟ قَال:
«لاَ، بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً» رواه الحاكم في «المستدرك» «٣» انتهى من «السِّلاَح».
وقوله تعالى: وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ توعُّد لمنْ كَفَرَ من اليهودِ بمحمَّد ع، والْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ: هو التوراةُ، قال قتادة وابن مَسْعُود: إلياس: هو إدريس- عليه

- والحديث أخرجه البخاري (١٠/ ٨٩) كتاب «الأشربة» باب: هل يستأذن الرجل عن يمينه في الشرب ليعطي الأكبر، رقم: (٥٦٢٠)، (٥/ ١٢٣) كتاب «المظالم» باب: إذا أذن له أو أحله ولم يبين كم هو، (٢٤٥١)، (٦/ ٢٦٧) كتاب «الهبة» باب: الهبة المقبوضة وغير المقبوضة، والمقسومة وغير المقسومة (٢٦٠٥)، ومسلم (٣/ ١٦٠٤) كتاب «الأشربة» باب: استحباب إدارة الماء واللبن ونحوهما، عن يمين المبتدئ (١٢٧/ ٢٠٣٠)، ومالك في «الموطأ» (٢/ ٩٢٦، ٩٢٧) كتاب «صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم» (١٨)، وأبو داود الطيالسي (١/ ٣٣٢) كتاب «الأشربة» باب: إيثار من على اليمين بالشرب برقم: (١٦٨١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٢٨٦) كتاب «الصداق» باب: الأيمن فالأيمن في الشرب، وأحمد (٥/ ٣٣٣)، والطبراني (٦/ ١٧٠)، (٥٨٩٠).
(١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٤٩١).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥١٣) برقم: (٢٩٥٢٢)، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٨٣).
(٣) أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٤/ ٢٢٢)، كتاب «الأضاحي».
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قال ابن أبي حاتم في «العلل» (٢/ ٣٨، ٣٩) برقم: (١٥٩٦) - قال: منكر.


الصفحة التالية
Icon