وقالَ قتادة: ذي التذكرةِ للنَّاسِ والهداية لهم «١»، وقالت فرقةٌ: ذي الذِّكْرِ للأُمَمِ والقَصَصِ والغُيُوبِ، ت: ولا مانَعَ [مِنْ] أَنْ يُرَادَ الجميعُ، قال- عليه السلام «٢» : وأما جَوَابُ القَسَمِ، فَاخْتُلِفَ فيه فقالت فرقة: الجوابُ في قوله: ص إذ هُوَ بمعنى: صدق الله أو صدق محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وقال الكوفيُّون والزَّجَّاج «٣» : الجَوَابُ في قوله: إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ [ص: ٦٤]، وقَالَ بَعْضُ البصريِّين ومنهم الأخفَشُ: الجوابُ في قوله: إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ [ص: ١٤]، قال ع «٤» : وهذانِ القولانِ بَعيدانِ، وقال قتادة «٥» والطبري «٦» : الجواب مقدَّرٌ قَبْلَ «بل»، وهذا هو الصحيحُ، وتقديره: والقرآن، ما الأَمْرُ كَما يَزْعُمُونَ، ونَحْوُ هَذَا مِنَ التَّقْدِير، فَتَدَبَّرْهُ، وقال أبو حَيَّان «٧» : الجوابُ: إنك لمن المرسلين، وهو ما أثْبَتَ جَوَاباً للقرآن حينَ أقْسَمَ بهِ، انتهى، وهو حَسَنُ، قال أبو حيان:
وقوله: فِي عِزَّةٍ هي قراءةُ الجمهور، وعن الكسائي «٨» بالغين المعجمة والراء، أي: في غَفْلَةٍ، انتهى.
والعِزَّةُ هنا: المُعَازَّةُ والمُغَالَبَةُ والشِّقَاقُ ونحوُهُ، أيْ: هم في شِقٍّ، والحَقُّ في شِقٍّ، وكَمْ للتكثير، وهي خَبَرٌ فِيه مثالٌ ووعيدٌ، وهِي في مَوْضِعِ نَصْبٍ ب أَهْلَكْنا.
وقوله: فَنادَوْا معناهُ: مُسْتَغِيثين، والمعنى: أنهم فَعلوا ذلك بعد المُعَايَنَةِ، فَلَمْ ينْفعهم ذلك ولم يكُنْ في وَقْتِ نَفْعٍ، ولاتَ بمعنى: ليس، واسمها مقدَّرٌ عند سِيبَوَيْهِ، تقدِيره:
وَلاَتَ الحِينُ حِينَ مَنَاصٍ، والمَنَاصُ: المَفَرُّ، ناصَ يَنُوصَ: إذا فَرَّ وَفَاتَ، قالَ ابن عَبَّاس:
المعنى: ليسَ بِحِينِ نَزْوٍ وَلاَ فِرَارٍ ضبط القوم «٩»، والضمير في عَجِبُوا لكفار قريش.

(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٤٦) برقم: (٢٩٧١٩)، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٩١)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٦).
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٤٩١).
(٣) ينظر: «معاني القرآن» (٤/ ٣١٩).
(٤) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ٤٩١).
(٥) ذكره الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٤٧) عن قتادة، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٩٢).
(٦) ينظر: «تفسير الطبري» (١٠/ ٥٤٧).
(٧) ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٣٦٧).
(٨) وقرأ بها حماد بن الزبرقان، وأبو جعفر، والجحدري.
ينظر: «البحر المحيط» (٧/ ٣٦٧)، و «الدر المصون» (٥/ ٥٢٠).
(٩) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠/ ٥٤٨) برقم: (٢٩٧٢٥)، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٩٢)، وابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٢٦)، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٥٥٦)، وعزاه السيوطي للطيالسي، وعبد الرزاق، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن التميمي.


الصفحة التالية
Icon