شبهات خاصة بالمضمون
وبعد أن انتهينا من الاعتراضات اللغوية وبدا أنْ ليس للعبد الفتاضي عينان في رأسه ولا عقل أيضاً نتحول إلى اعتراضاته الخاصة بالمضمون. ولأن هذه الاعتراضات كثيرة ومتنوعة، وبعضها مما لا يمكن أن نصل فيه إلى شيء بسبب تعلقه بأمور مستقبلية أخبر القرآن أنها ستقع في آخر الزمان مما لا مدخل فيه للأخذ والردّ لأنه لم يحدث بعد، فلسوف أكتفي باختيار عدد كاف من هذه الاعتراضات لمناقشتها، مستصحباً معي المسامحة الشديدة التي اصطحبتها في المناقشات اللغوية. ولسوف يرى القارئ الكريم، رغم ذلك، أن الأسداد قد ضُرِبَتْ على ذلك التعيس الذي يذكًرنا بصرصور ينطح جبلاً أشمّ بغية زحزحته عن موضعه!
وها نحن أولاء نتوكل على الله ونجعل مفتتح كلامنا ما قاله الثقيل الظل الوخيم الفهم عن نوح عليه السلام. قال، فضَّ الله فاه، ولعنه لعنةً منتقاة: "جاء في سورة "نوح"/٢٤: ﴿وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا﴾، فكيف يدعو نوح ربه أن يزيد الناس ضلالا؟ كما أن الله ليس مصدر الصلال. ونوح نفسه لا يحب الضلال، فالتاريخ المقدس يشهد له: "كان نوح رجلاً باراً كاملاً في أجياله"