الناس، وأيضاً بعد أن اتخذوهن لهم نساء، إلا أن كاتب هذا السفر، كعادة مؤلفي الكتاب المقدس، قد نسى هذا فقال عن نمرود (حفيد ابن نوح، الذي وِلُد بعد الطوفان بزمن طويل) إنه "أول جبار في الأرض". وحتى نمرود هذا لا ندري بالضبط من أبوه: فمرة يذكر الكاتب أبناء كوش بن حام بن نوح فلا يورد بينهم اسم نمرود، لنفاجأ به بعد أقل من سطر يقول: "وكوش وَلَدَ نمرود".
وبعد هذه التفكهة نرجع إلى ما قاله الشقيُّ عدوّ نفسه، إذ يستغرب دعوة نوح ربَّه أن يزيد الناس ضلالا. ونحب أولاً أن نوضح أن نوحاً لم يَدْعُ على الناس بإطلاق بل على الظالمين فحسب، لكن الأعمى البصر والبصيرة لا يدرك هذا. ثم إن نوحاً، في كتابهم المقدس، قد دعا على حفيده كنعان ولَعَنه لا لشيء إلا لأنه هو قد شرب خمراً حتى سَكِر وانطرح على الأرض وتكشفت سوأته فرآه ابنه حام (أبو كنعان) على ذلك الوضع، فلما أفاق نوح وعلم بما حدث انطلق في نوبة مسعورة يلعن كنعان ويدعو عليه بأن يجعله الله عبداً


الصفحة التالية
Icon