بها ذلك التعيس هي جزء من بشارة ملاك الرب لهاجر أم إسماعيل (عليها وعلى ابنها السلام رغم أنف الحقَدة من بني إسرائيل ومن يشايعونهم في هذا الحقد عليهما)، وذلك حين هربت من المعاملة المذلّة التي كانت تعاملها بها سارة عليها السلام حسبما يقول كاتب سفر "التكوين". وهذه هي بشارة الملاك كاملة: "لأُكَثًرنً نسلك تكثيراً حتى لا يُحْصَر لكثرته. وقال لها ملاك الرب: هأنت حامل، وستلدين ابناً وتسمينه إسماعيل لأن الرب قد سمع صوت شقائك، ويكون رجلاً وحشياً: يده على الكل، ويد الكل عليه، وأمام جميع إخوته يسكن". واستحلفك أيها القارئ الكريم: أهذه بشارة أم مثلاً بقصرٍ فخم لن يجد فيه راحة أبداً بل ستكون أيامه فيه كلها شقاءً ونكداً، أو أن يقول له: إني واهِبُك يا عبدي ثروة هائلة تنفقها إن شاء الله على أمراضك وأمراض أولادك المستعصية؟ بالله أهذه بُشْرَى؟ إنها لإنذار بالهمّ والغمّ والشقاء! والمضحك أن هاجر، كما جاء في الآية التي بعد ذلك، تبتلع في سذاجة مطلقة لا تُحْسَد عليها هذا الكلام الذي لا يدخل العقل وتعُدَه مكرمة عظيمة!


الصفحة التالية
Icon