للقارئ أن فوق كل ذي مكر من هو أمكر منه. لقد شاهد يعقوبُ أثناء ترحاله إلى الشرق بنتَ خاله راحيل وهي تسوق غنهما إلى البئر، وكانت راحيل جميلة، فأخذت بلبّه، وجاء أبوها فعانقه وقبّله وأخذه إلى بيته حيث مكث عنده سبع سنين خدمه فيها لقاء التزوج بحبيبة قلبه. بَيْدَ إنه في صباحيّة دخوله بها في آخر السنوات السبع فوجئ بأن خاله قد زوّجه بدلاً منها ليئة أختّها العاطلة من الجمال. أي إنه أعطاه "مَقْلباً سُخْنا"، ومن شابه أخته فما ظلم! ورغم ذلك يصف مؤلفُ سفر "التكوين" إسماعيل بالتةحش والنفور من الخَلُق ويفور الخَلْق منه! وثمة نقطة أخرى في القصة تدل على سذاجة هذا الملفّق الذي يكذب ولا يعرف كيف يسوَّى كذبه كما يقول أهل الريف، إذ يذكر أن يعقوب لم يتبيّن الخدعة إلا في الصباح. أي إنه قضى الليل كله في أحضان ليئة وهو يظنها راحيل! ترى ألم يكن هناك نور في تلك الليلية البتّة؟ وحتى لو لم يكن هناك نور، أكانا يمارسان الجنس في فلم من أفلام السينما الصامتة فلم يتعرف يعقوب على عروسه من صوتها؟ أنظر أنت أيها القارئ وتعجَّبْ، أما أنا فسأسكت! ثم يقولون بعد ذلك كله إن هذا وحي إلهي!