ولْنُطبَّق الآن هذا الكلام على اللغة العربية: لقد كان الجاهليون يمارسون العربية بالسليقة، وكان كلامهم هو مقياس الخطأ والصواب، وبطبيعة الحال فإن شعراءهم وخطباءهم كانوا يمثًلون أرقى المستويات اللغوية لكونهم أفضل قومهم ثقافة وذوقاًَ أدبياً ورهافة حسّ، وكان محمد واحداً من هؤلاء المثقفين، مَثَلُه مَثَلُ امرئ القيس وطرفة وزهير والأعشى وقُسً بن ساعدة وحسًان بن ثابت وغيرهم من الشعراء والخطباء الذين أُخِذَتْ عنهم اللغة، ومن كلامهم قُعَّدَتْ قواعدها، فهل سمع أحد أن شخصاً قد خطأ أياً من هؤلاء الشعراء أو الخطباء؟ إن هذا لم يحدث، ولن يحدث. فقرآن محمد إذن هو، على أسوأ الفروض، مثل شعر امرئ القيس مثلاً أو خُطََب قس بن ساعدة، أي أنه هو المعيار الذي يُحْتَكَمُ إليِه ويؤخذ منه ويُهْتَدَي به،